محمد علوش- خاص الأفضل نيوز
يمكن للمراقب اللبناني أن يسأل عن الفارق بين محاولة اللقاء الديمقراطي الرئاسية، ومبادرة تكتل الاعتدال الوطني، وما هي احتمالات نجاح الأولى بعد تعثر الثانية، وهل أنّ المشكلة الرئاسية هي بالحوار وشكله أو بالتشاور ومن يتولى الدعوة إليه ويترأسه أم أنها حقيقة بمكان آخر مختلف تماماً.
بدأ يسود اعتقاد في لبنان أن أحدًا لا يُريد الرئاسة اليوم، فالفريق الداعم لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية يعتبر أن المرحلة الحالية هي مرحلة حرب وما بعدها سيختلف عما هو قائم اليوم وبالتالي فإن احتمالات وصول مرشحهم إلى الرئاسة سيكون أكبر بعد انتهاء الحرب فلم الاستعجال؟
أمّا الفريق المعارض لفرنجية، أو بالأحرى لمرشّح الثنائي الشيعي بشكل أساسي فيعتبر أن ما بعد الحرب سيضعف حزب الله وسيضطر للتراجع للدخول في التسوية وبالتالي سيكون من المستحيل وصول فرنجية إلى بعبدا وسيكون التوجه نحو مرشّح ثالث ترضى به كل الأطراف ومن ضمنها فريقهم المعارض، فلِمَ العجلة؟
هذا الاعتقاد يبدو صحيحًا، ولكن ليس الداخل فقط من ينتظر أن تضع الحرب أوزارها وتُفرز نتائجها، بل الخارج أيضاً وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية التي تربط هي بشكل واضح مسألة التسوية السياسية بالتسوية الحدودية، على اعتبار أنها يمكنها الاستفادة من الملف السياسي في مرحلة التّفاوض مع حزب الله، أي بمعنى أوضح يمكنها تقديم مكاسب سياسية للحزب مقابل مكاسب أمنيّة لإسرائيل.
انطلاقاً من هذا الواقع يصبح الحديث عن المبادرات أسهل، سواء تلك الداخلية المتعلقة بجولة اللقاء الديمقراطي والتي بحسب مصادر في اللقاء لا تأخذ شكل المبادرة إنما محاولة فقط لتقريب وجهات النظر بخصوص ضرورة الحوار أو التشاور داخل المجلس النيابي برئاسة نبيه بري، كما تُشير المصادر عبر "الأفضل" إلى أن اللقاء الديمقراطي واقعي للغاية ولا يطرح حلولاً أكبر من قدرته أو أكبر من قدرة أي طرف لبناني، بل يتعامل بتواضع مع جولته ولا يتوقع منها سوى التمهيد ربما لمرحلة التسوية التي قد تأتي قريبًا أو تطول بحسب تطورات الوضع في المنطقة، علمًا أن رئيس الحزب التّقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط متشائم بخصوص الوضع في لبنان والمنطقة وهو يطلق تشاؤمه في كل لقاءاته الإعلامية مؤخرًا.
بالمقابل علم "الأفضل نيوز" أن نواب تكتل الاعتدال الوطني بصدد التحرّك قريبًا من جديد، وهم بانتظار بضع إشارات لكي يتحرّكوا، ولكن أيضًا لا يعوّل الكثيرون على مبادرات الداخلية ما لم تقترن بأمرين، الأمر الأول رغبة خارجية حقيقية بإنهاء الفراغ، والأمر الثاني يتعلق بالحرب في المنطقة ولبنان.
إذًا هناك تسليم أنه رغم ما اعتبره المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان انتصارًا مهمًّا بفصل الرئاسة عن غزّة من قبل حزب الله والرئيس بري، يبقى الملف الرئاسي بانتظار ما هو أكبر من الحوار وما هو أكبر من التشاور، فالأزمة سياسية بالدرجة الأولى وما الخلاف حول شكل الحوار والتّشاور إلّا تمريرًا للوقت حتّى يحين الوصول إلى زمن التّسويات، لذلك فإنّ تحرّك الاشتراكي كما الاعتدال الوطني وأيضًا الطّرف القطري، يصبّ في سبيل تهيئة الظّروف المناسبة لذلك الزّمن.