جهاد مراد _خاصّ الأفضل نيوز
في خضم الحرب الأهلية المشؤومة، حين كان لبنان ممزقاً تتآكله الفتن والنزاعات الدموية، وحين كانت الجسور مهدّمة بين المناطق التي تسودها أحزاب وميليشيات ذات صفات طائفية و مذهبية ومناطقية، في تلك الأيام القاتمة القاتلة لروح الوحدة وقف الأخ أبو حسين "عبد الرحيم مراد" فوق حطام وطن يتداعى.. وقف وحيداً بين أترابه وقال مقولته الشهيرة : " لا بد لإرادة الخير أن تنتصرَ على إرادة الشرّ "، لتشكّل هذه المقولة الإطارَ المعنوي الثابت والدائم والمحفز لحركته على المستويَين السياسي والاجتماعي، فوضع أول مدماك لمركز عمر المختار التربوي وارتفعت بعده المداميك وشيّدت الصروح والمؤسسات حتى بات معها الأخ أبو حسين المثال والقدوة لا بل الظاهرة التي أذهلت الأقربين والأبعدين، بعد أن تنمَّر الكثيرون واستهزأ المستهزئون وتندّر المتندّرون وكان لسان حالهم يقول: "البلد يحترق وأنت تبني المدارس!".
نعم إنه الأمل الذي حكم المدرسة المرادية في حقل السياسة، والتي نهلت من مَعين عبد الناصر، وترجمت الأقوال إلى أفعال ومشاريع، ووضعت المقدرات والإمكانات في خدمة الناس لكي ترتقيَ بالمجتمع كله في شتّى الميادين. وإنها الإرادة الصلبة التي لا تلين في بناء الحجر والبشر، وفي حماية الناس من الجهل والتخلف والبؤس والحرمان.
وها هي الصروح الشاهقات تشهد لعلو همّة رجل نذَر حياته لأهله وشعبه غير عابئ بالظروف الضاغطة والأحوال المتردّية، لأن إرادة الرجال أقوى من المحال.
إنها إرادة الخير نفسها والإرث عينه الذي يتحرك في ضوئه النائب حسن مراد، حاملاً على كاهله همَّ منطقته وبقاعه، متسلحاً رغم تحلّل الدولة واهتراء مؤسساتها، ورغم الأزمة الاقتصادية الخانقة والحرب الصهيونية على لبنان والحصار الدولي وتأثيرات قانون قيصر ضد الشقيقة سوريا الذي خنق لبنان وحال دون قيام مشاريع حيوية يحتاجها البلد. ووسط هذه المعمعة، تأبط الأخ حسن الأمل ووضع خططاً مستقبلية، وباشر بإنشاء مشاريع حيوية ستُحدث نقلة نوعية في البقاع على مستوى الخدمات أيضاً غير آبهٍ بكل الضغوط واحتمالات توسّع الحرب الصهيونية على لبنان.
لذا تشكل إرادة الخير السلاح الأمضى في النهج المرادي، لأنها الدافع والمحرّك الأساسي ببعدها الأخلاقي والإنساني والإيماني، بالرغم من أن هذا الأمر لا يخلو من التحدّي وتجاوز العقبات وتذليل الصعوبات وعدم الالتفات إلى العوائق مهما كان شأنها عظيماً.
حتى الذين خاصموه وراهنوا على فشله بالأمس القريب، لا نسمع منهم إلا الثناء والتقدير والإعجاب به، إذ يقول أحدهم : ("واللهِ لم أكن أحبّه ولا أستسيغ انتخابه كنائب عن الأمة في مجلس النواب، ولكنني بعد أن رأيتُ منه هذا الموقفَ المشرف، وبعد أن وقف معنا كأي واحد منا، صرت أتقصد مجالسته والاستماع إلى أفكاره، إنه بالفعل نسخة جديدة من عبد الرحيم مراد بفكره وإيمانه ووجوده وحيويته"، ويقول آخر : ("أنا ممتنٌ جداً للأخ حسن مراد ولن أنسى معروفه إلى يوم الدين، لقد وقف معنا في محنتنا وفعل كذا وقال كذا، وهذا يدل على أصالته ونبله والقيم التي تربّى عليها في بيت الكبير أبي الحسين أطال الله بعمره".
بالفعل لقد فاجأ حسن مراد خصومه قبل أنصاره، بتسامحه معهم وتواضعه لهم والإصغاء إلى مطالبهم وخدمتهم من دون تردد أو تمييز، وتجلت صورته في الأذهان أكثر بوفائه لأهله في البقاع وفي لبنان والعالم العربي، وقد تسنّى لنا أن نشاهدَ جانباً من لقاءاته مع الإخوة العرب على هامش المؤتمر القومي العربي الذي انعقد في بيروت قبل أيام، ورأينا انبهارهم به وبأفكاره ومشاريعه وارتباطه الوثيق بالمقاومة وفلسطين، حتى طالبه أحد رؤساء الأحزاب العربية بتعميم ثقافة البناء والعطاء على الوطن العربي، وترجمة الفكر الناصري إلى مشاريع نهضة وتنمية وتطوير وتغيير، إذ قال له، بعد جولته على مؤسسات الغد الأفضل التي خُتمت في دار الحنان للأيتام: "لقد نجحتم كما لم ينجح غيركم لأنكم فهمتم حقاً مقاصدَ الدين الحنيف وغاياته، ومقاصد الفكر الناصري النهضوي التحرري، وصدقتم مع أنفسكم ومع الناس، فوفقكم الله، وأخذ بيدكم، وحبّبكم بالناس، وحبّب الناسَ بكم، ولكن أنتم مطالبون بتعليم هذا الفهم للفكر الناصري وهذه التجربة الغنية لغيركم من الأحزاب والجمعيات في لبنان وفي الوطن العربي كله".
نعم، كلنا ثقة بأن النائب حسن مراد سيكمل الطريق نحو الغد الأفضل بعزم وثبات وعلم واقتدار، وهو الأمين على الحزب والمؤسسات، وكلنا ثقة بأن الشجرةَ الطيّبة لا تعطي إلا ثمرةً طيبة، وستبقى جذورها ضاربةً في الأرض وفيةً لها، وفروعها شامخةً إلى السماء، مؤمنةً برسالتها السمحاء.. نعم ونكرر "حسن مراد جبلاً في سهل" .. والسلام.