جهاد مراد - خاص الأفضل نيوز
عندما يفرغ التنين الصهيوني كل ما يحوي جوفه من حمم ونيران حاقدة في الهزيع الأخير من الليل، لهو دلالة دامغة على أن ردة فعله على الإذعان القسري الذليل لشروط وقف النار دفعته لهذه الهستيريا الانتقامية الغادرة.
إن فشل العدوان الصهيوني بائن لكل ذي بصيرة وكل الأهداف التي رسمها نتنياهو تطايرت هباء منثورًا بدليل ناصع ساطع أنه بإعلان وقف إطلاق النار خجل عن ذكر كلمة نصر.
لا المستعمرون الصهاينة عادوا إلى المغتصبات في الشمال، لا شرط نزع سلاح المقاومة تحقق، ولا إنشاء منطقة عازلة في جنوب الليطاني أو حرية التحرك البري والجوي فرضت على لبنان كأبشع صورة لانتهاك السيادة.
كل ذلك ما كان ليحصل رغم الدمار الهائل والمجازر لولا اندحار الغزوة البرية الصهيونية على أعتاب البياضة ومارون الراس وشمع والخيام أسطورة الزمان والمكان.
إن وقف إطلاق النار الذي طلبه نتنياهو من هوكستين وفق ما تداولته كل وسائل الإعلام يظهر حجم الهزيمة التي تعصف بالمستويين السياسي والعسكري والأعطاب في الجيش الصهيوني والاقتصاد المتهالك جراء استنزاف فرضته المقاومة على الكيان الغاصب المؤقت وأطاحت من خلاله بالعقيدة العسكرية الصهيونية التي قامت على الحسم السريع على أرض الغير.
إن انتصار لبنان اليوم هو نتاج تضحيات ودماء وهدير بطولات والطلقة الأخيرة لأهل العز ستكون مدوية تذكر العدو دائماً بقواعد اشتباك قد فرضتها المقاومة من جديد، فتدمير القرى الحدودية في جنوب لبنان يقابله تدمير المستوطنات في شمال فلسطين، والضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت يقابلها حيفا ومحيطها، ومدينة بيروت يقابلها مدينة تل أبيب .
وأما الأهم من وقف إطلاق النار دون قيد أو شرط، هو ما بعد ذلك من نتائج للإجرام الصهيوني والذي سيلاحق إسرائيل بشكل عام ونتنياهو بشكل خاص، فالرأي العام العالمي لن تمحى من ذاكرته صور الإجرام الصهيوني وإمعانه في القتل والتدمير والتشريد والتجويع والحصار وانتهاك القيم الإنسانية والقوانين الدولية، وسيف محكمة العدل الدولية سيلاحق نتنياهو وغالانت طيلة الحياة، فضلاً عن سقوط حكومته المتطرفة والمحاكمة التي تنتظره نتيجة التقصير والإهمال من جهة والتعنت والتفرد والتصلب في الرأي وتعريض الكيان الصهيوني للخطر الوجودي لأول مرة في تاريخ الصراع، إلى جانب ملفات الفساد واستغلال النفوذ والخسائر الاقتصادية في كل قطاعات الإنتاج.
ستبقى في ذاكرة الأجيال صورة الجيش الصهيوني المهزوم والمذعور عند الحدود مع لبنان، هذا الجيش الذي حشد ست فرق لمواجهة عشرات الرجال من وحدة الرضوان ولم يستطع التقدم ولا التوغل إلى الليطاني رغم كل الدعم والإسناد من سلاح الجو والزوارق البحرية والقصف المدفعي، وسيدرك المستوطنون أن القبة الحديدية لم تكن تحميهم من الصواريخ والمسيّرات اللبنانية، ولن يحميهم إلا تطبيق قرارات الشرعية الدولية ومنها القرار 181 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي يقضي باعتماد حل الدولتين، والقرار 194 الذي يطالب بعودة اللاجئين إلى ديارهم والقرار 242 الصادر عن مجلس الأمن والقاضي بإنهاء الاحتلال والانسحاب إلى ما بعد خط الرابع من حزيران عام ١٩٦٧، وغيرها من قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة على الأقل...