جهاد مراد - خاص الأفضل نيوز
تتبدل الأحوال وتتغير الظروف...تتلاشى دول وتزول أنظمة في سياق دينامية تاريخية واكبت البشرية على مر العصور لاتعرف جمودًا مجتمعيًّا إنما تخضع لأحداث تفرض نفسها كمتغيرات تتبدّى في أعلى مظاهره، في قانون نفي النفي ووحدة وصراع الأضداد الذي كرسه الماركسيون في مقارباتهم ودراساتهم للفعل الاجتماعي.
وثبت بما لا يقبل أدنى شك أن المبادئ والأفكار والإيديولوجيات تتجدد، وتتجذر كلما زاد حجم الضغوط وتمددت الضدية الحادة، بل على العكس، فإن الانتكاسات تسهم لدى الشعوب الحية بإطلاق مراجعات نقدية صارمة قد تصل إلى حد جلد الذات، بغية الإفادة من الدروس وأخذ العبر دونما إنكار من جهة أو استسلام.
لقد تعرض مفهوم العروبة كرابطة قومية لأعنف هجمة استعمارية قادتها الصهيونية العالمية وذراعها الكيان الصهيوني الغاصب بهدف شرذمة الأمة تحت عناوين تفتيتية مذهبية وطائفية *واثنية* تتحول الأمة معها إلى مزق ممزقة يتآكلها الاهتراء الداخلي والاحتراب البيني ما يجعلها في حال استنزاف دائم وتضيع الهوية القومية الجامعة وسط أنهار الدم والدموع.
تتبدل الأحوال كما أسلفنا، لكن المبادئ تبقى، ومعها القناعات والاعتقادات دون أن تهتز أو يمسها وهن، والحال خير دليل وينطبق على حسن عبد الرحيم مراد الذي نشأ على فكر جمال عبد الناصر وتطلعاته الوحدوية، وتحصَّن فكريًّا *وعقائديًّا* بالعروبة من دون عصبية أو *شوفينية* وفي قلب العروبة الإسلام كأهم رافد ثقافي إنساني في تاريخ أمتنا، وهو بمثابة الروح من الجسد في هذه الأمة العظيمة.
لقد كان حسن مراد وقبله والده مختار العروبة عبد الرحيم مراد يسعى دائمًا لوحدة الصف العربي، والتشبيك بدل الاشتباك بين الإخوة العرب، فكانت العلاقة مع الشقيقة سوريا، تحكمها، ومن دون تزلف، القضية القومية، ومقدار دعم الدولة الوطنية السورية لفلسطين السليبة وكل حركات المقاومة في مواجهة العدو الصهيوني وأطماعه.
واليوم أيًّا كانت الجهة التي تحكم سوريا بناء لإرادة الشعب السوري، فإن المعيار في العلاقة من عدمها، يبقى احترام الذات والآخر، والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتوفير مناخات الوحدة بين الأقطار العربية، والتفاهم لما فيه مصلحة الشعب العربي الطامح إلى التطور والاستقرار والازدهار، مستفيدًا من موارده وكفاءاته.
تزول الجبال ولا تزول قناعات الوزير حسن مراد وإيمانه بالعروبة التي هي فوق الأشخاص والأنظمة والدول والمتغيرات على أنواعها لأنها الثابت الجوهري والدليل النظري والعملي لإعلاء شأن الأمة في وحدة المسار والمصير.
بهذا الايمان، وهذه النظرة البعيدة الأهداف، وضع حسن مراد، وقبله مختار العروبة عبد الرحيم مراد أسس تحصين المجتمع بالعلم والارتقاء بالمعرفة، لأنها سلاح حماية الأمة من كل طارئ على قيمنا الإنسانية وتراثنا القومي، فكانت المؤسسات الحاضنة لأبناء المجتمع على مختلف *مشاربه* ، لبناء إنسان محصن بأدوات العصر.
وشكلت هذه المؤسسات محرِّكًا تنمويًّا هائلًا، رفع الحيف عن مناطقنا النائية، ووفر الفرص للنهوض بالأطراف من مستنقع الحرمان والإهمال الرسمي.
والحال، يحاول البعض اليوم النيل من حسن عبد الرحيم مراد بالسياسة ومحاسبته على خياراته التي لم تكن إلا ندية تحالفية، محكومة بالعقل، وتحرك هؤلاء عقد النقص اتجاه الدور الريادي الثقافي والتنموي لحسن مراد الذي أزهر على يديه مؤسسات، وقطاعات تربوية وصحية واجتماعية يعجز المتطاولون عن مجاراتها ويشعرون بالقصور والدونية فيذهبون إلى السياسة هربًا وانتقامًا، والذي كانت وستبقى العروبة والانتماء القومي فعل ايمان راسخ بالمبادئ في عقل وسلوك حسن مراد ليس إلا، ولا تتأثر على الإطلاق بمتغير هنا أو هناك، ولا يشعر حسن مراد أو يتأثر أو يهتز جراء متغير هنا أو متغير هناك، لأنه يتموضع حيث خيارات الأمة، دفاعًا عن الحق القومي بمواجهة طغيان وتوسع الصهاينة وأطماعهم بأرضنا وثرواتنا ومقدساتنا.
لذا فلتخرس الألسن التي دأبت التطاول على الشرفاء الأصلاء الخلصاء، لأن الصخب المفتعل سيبقى مجرد فقاعات رعناء تائهة لا قيمة لها، فهذه أعمالنا وصروحنا التي تعانق المجد فأتونا بمثلها أو خففوا عن حناجركم عناء الصراخ، لسلامة أوتاركم الصوتية من البحة....