ميشال نصر - خاص الأفضل نيوز
يروي "ميغل انخيل موراتينوس"، أنه خلال زيارة له إلى دمشق، عام ٢٠١٠، وأثناءَ لقائه بالرئيس "بشار الأسد"، نقل إليه رسالة "انزعاج" أميركيّة - أوروبية واضحة، من سماحه بتزويد حزب الله السلاح الكاسر للتوازن، وهو منظومات دفاع جوّيّ، متمنيًا عليه عدم نقل الصواريخ وقاذفاتها، بعدما سلّم الحزب المنظومة الرادارية، وفقًا لتقارير الاستخبارات الأميركية، ليفاجئ برد الأسد، بأن المعلومات الأميركية غير دقيقة، لأن ما حصل هو العكس، إذ أن المنظومة الصاروخيّة قد سلّمت فعلًا، ويبقى تسليم الرّادارات.
كان جواب الأسد واضحًا لا يحتاج إلى كثير من الجهد لتفسيره، "فالجماعة" قرّروا بعد مراجعة دقيقة ودراسة معمقة لاستخلاص العبر من حرب ٢٠٠٦، أن نقطة الضعف الأساسية، كانت في حرّية حركة سلاح الجوّ الإسرائيليِّ في الأجواء اللبنانية، والذي منح تل أبيب التفوق والقدرة الكبيرة على التدمير، بعدما نجحت المقاومة في إخراج المدرّعات من اللعبة، بعد استخدامها الذكي لصواريخ الكورنيت، نجم حرب تموز.
وبالتالي فإن أي مواجهة مستقبليّة تحتاج لدفاع جويّ جدّي".
من هنا كان السعي إلى وضع استراتيجية فعّالة بدرجة كبيرة، لإلغاء عامل التفوق الجوّي لإسرائيل، بعد دراسة دقيقة لطبيعة الأرض اللبنانية، وقد ارتكزت الخطة أو الاستراتيجية التي وضعت إلى أمرين:
الأول، تأمين منظومة رادارية للإنذار المبكر تغطي الأراضي اللبنانية وتؤمن مظلة كاملة، من جهة، وتأمين منظومات صاروخية تعمل على أكثر من مستوى وعلو، وضع يومها سقف ال ٢٤٠٠٠ متر كحد، ما يعني منظومات "بوك" المطورة إيرانيًّا، و"السام ١٧" المطور أيضاً إيرانيًّا، قبل أن تدخل في التداول المعطيات عن تزويد "فاغنر" الحزب منظومتي "بانستر ١"، وفقًا للإعلام الأميركي، الذي تحدّث أيضاً عن وصول صواريخ "ستينغر"، تمّ تأمينها من السوق السوداء للسلاح في أوكرانيا.
الثاني، إعماء منظومة القيادة والسيطرة الجويّة الإسرائيلية في أيّ حرب مقبلة، عبر ضرب مركزها في قاعدة "ميرون"، التي باتت "ساقطة" بالنار، وتدمير منظومتها للمراقبة، وهو ما ترجم في "حفلة" تدمير الأبراج المجهزة بأحدث التّقنيات، ومن بعدها المنطادين، بعمليّتين مركّبتين ودقيقتين، وهو ما أصاب سلاح الجوِّ "بالعمى"، إلى درجة كبيرة على الجبهة الشمالية.
وفي هذا الإطار تقول مصادر عسكريّة، أن حزب الله نجح في خلق توازن واضح عبر تحويل المعركة راهنًا إلى معركة مسيرات أثبت خلالها تقدّمه على إسرائيل، من خلال تنفيذه غارات، سواء عبر الصواريخ التي حملتها تلك المسيرات، أو عبر تلك الانقضاضية، يضاف إلى ذلك عشرات مهمات الاستطلاع لمسيرات الحزب، التي يبقى مداها مجهولًا، والتي تنجح يوميًّا بالنّفاذ عبر الثغرات التي فتحت في المنظومة الدّفاعية الإسرائيلية.
لذلك ، والكلام للمصادر، يحاول الأميركيون إعادة تثبيت معادلة جديدة، تسمح للجيش الإسرائيلي بالتحليق فوق الأراضي اللبنانية على علو شاهق وبطائرات ال "اف. ٣٥" حصرًا، التي تبقى خارج "مرمى" الرادارات. طرح حمله الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، ومن بعده الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، إلا أن المسعيين اصطدما برفض الحزب القاطع لأي تحليق في سماء لبنان.
أمام هذا الواقع يصبح من الشرعي التساؤل، هل نحن أمام تكرار تجربة صواريخ" السام٦" التي نشرتها دمشق في سهل البقاع عام ١٩٨٢، عشية الاجتياح الإسرائيلي، والتي دمرت في عملية معقدة استمرت لساعات، ويومها شاركت فيها طائرات الإنذار المبكر الأميركية من نوع "أواكس" بفاعلية، عبر تشويش الكتروني استمر لأيّام؟
الأمور تبقى مرهونة بخواتيمها، وإن كان وفقًا لمصادر دبلوماسية مطلعة، أن مصير منظومة الدفاع الجوّي سيكون حتمًا مطروحًا في أي تسوية، بعدما طغت على الصواريخ الذكية و"أخدت محلّها".