يحيى الإمام - خاصّ الأفضل نيوز
لقد استمعنا باهتمام بالغ إلى الخطاب الأخير لسماحة السيد حسن نصر الله أمين عام ح ز ب الله وقائد جبهة الإسناد في معركة طوفان الأقصى المجيدة المباركة، وقرأنا وحلّلنا ودقّقنا ومحّصنا، كما فعل جمهور العدو تماماً ، وكما فعل المراقبون والمصطفون على جانبَي الصراع بين الحق والباطل، ولكننا لم نلمح أو نصادف تهديداً لقبرص أو محاولةً للإساءة للعلاقات بين لبنان وقبرص مثلما رأت جوقة " الردّيدة " على كل خطاب يلقيه سماحة الأمين العام، إلا إذا كان هؤلاء لا يفهمون اللغة العربية أو لا يفقهون قواعد الصراع أو كانوا غير معنيّين بما يجري في فلسطين المحتلة أبداً ولو من منطلق إنساني.
فحقيقة الأمر أن السيد في خطابه حذَّرَ الحكومة القبرصية من فتح مطاراتها وأجوائها للعدو الصهيوني في حال نشوب حرب شاملة أو عدوان على لبنان، وفي حال خروج المطارات العسكرية الإسرائيلية عن الخدمة واضطرار العدو إلى استخدام مطارات قبرص، مستنداً في ذلك إلى معلومات مؤكدة عن اتصالات ومناورات يجريها العدو في قبرص، ولأن الحكومة القبرصية -إن فعلت ذلك - ستكون جزءًا من الحرب وشريكةً في العدوان، وهذا أمرٌ طبيعيٌ لأن المقاومة من حقها ومن واجبها أن تردَّ على العدوان من أية جهة أتى، حتى ولو كان منطلقاً من بلد عربي شقيق، إذا افترضنا أن هذا البلد الشقيق يقف على الحياد فيما يسمى ظلماً بالصراع العربي -الإسرائيلي ولا يقف في مواقع العدو.
وبعد كلمة السيد توالت الاتصالات غير المباشرة والمراسلات من خلال القنوات الدبلوماسية ومن خلال الأصدقاء بين الحكومة القبرصية والمقاومة، وأكد الجانبان الحرص الشديد على استمرار علاقات حسن الجوار، وعلى ضرورة عدم انجرار المنطقة إلى حرب واسعة وشاملة، والتأكيد على أن السبيل الوحيد لذلك هو وقف العدوان الهمجي على أهلنا في غزة هاشم، لأن المعركة مع العدو في جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة، ولو كانت معركة إسناد لغزة، إنما تنطلق من مصلحة لبنانية تهدف إلى ردع العدو عن تنفيذ أحلامه التوسعية وبسط نفوذه على الأراضي اللبنانية وتحقيق أطماعه بالسيطرة على الثروات النفطية ولا رادع له إلا القوة ولا يفلُّ الحديد إلا الحديد.
وقد جاء خطاب السيد نصر الله بعد ما جاء به "الهدهد" من صور ومعلومات قيّمة من فلسطين، كردٍّ مباشر على تهديدات العدو التي نقلَها عاموس هوكشتاين إلى لبنان، وجاء الخطاب والهدهد من أجل ثني العدو عن توسيع رقعة الحرب والدم والدمار إلى لبنان، ففهم العدو ومن يقف خلفه بأنهم سيدفعون أثماناً غاليةً إن أقدموا على ارتكاب مثل هذه الحماقات، وجمع هوكشتاين أغراضه الشخصية ورحل إلى بلاده خائباً خاليَ الوفاض مطأطئَ الرأس، ولم تفهم هذه المعاني جوقة الرَّدِّ التي تعيش في بلادنا وتقتات على خبز السفارات الأجنبية ومشروباتها الروحية.
وإذا كان العدو يعبر عن خوفه وقلقه من التورّط في أي حرب مع المقاومة في لبنان قبل السابع من أكتوبر وبعده فيقول الكاتب الصهيوني جدعون ليفي:
يبدو أننا نواجه أصعب مقاومة عرفها التاريخ، ولا حل معها سوى الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال... ويقول رئيس الموساد الأسبق ( تمير باردو ): "الحلم الصهيوني" يقترب من نهايته... وجاء في صحيفة هآرتس: "إسرائيل" تضغط على زر تدميرها الذاتي... ويحذر اللواء يتسحاق بريك، القائد السابق للكليات العسكرية، من كارثة محتملة في الحرب المتعددة الجبهات القادمة بسبب عدم استعداد الجيش الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية في مواجهة سيناريوهات التهديد للجبهة الداخلية، وإن قدرات "إسرائيل" تتآكل و"الجيش والمجتمع" يتفككان...
ويضيف : إن ح ز ب الله سيُطلِق في اليوم الأوّل للمعركة خمسة آلاف صاروخ تُخلِّف دمارًا مُطلقًا و (الرضوان) ستحتَّل المُستوطنات... ويقول رئيس الحكومة الأسبق نفتالي بينيت: "إسرائيل في خطر هو الأكبر منذ حرب 67"... ويقول رئيس الشاباك الأسبق (يوفال ديسكين): المُستثمرون الأجانب يهربون وانهيار الدولة العبرية قد بات قريباً..
وهذا غيض من فيض تصريحات قادة الرأي والفكر في الكيان الصهيوني المحتل، فليثق الخائفون زوراً والمرجفون، الذين لا ينطلقون في تصريحاتهم من مصلحة وطنية على الأقل، أن قوة لبنان في مقاومته لا في ضعفه، وأن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والغجر لا تستعاد إلا بالقوة والحديد والنار، وليخجل كل من يكيل الشتائم للسيد الأمين العام من موقعه المتواضع الوضيع وليتذكّر قول الشاعر العربي :
( كم عالِم متفضّل قد سبَّه
من لا يساوي غرزةً في نعلِهِ).