كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
التّوصيف الّذي أطلقه البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، حول أنّ المقاومة هي "إرهاب"، لاقى استنكارًا من قبل أطراف لبنانيّة حليفة للمقاومة، ومن داخل الطّائفة الشّيعيّة بمراجعها السّياسيّة والدّينيّة، المُجمعة على المقاومة ضدَّ العدوِّ الإسرائيليِّ، والتي لولا وجودها، لاستمرَّ الاحتلال الإسرائيليّ للجنوب، والّذي بدأ باجتياح في العام ١٩٧٨، وأقام فيه "شريطًا حدوديًّا" من عملاء له بقيادة ضابط في الجيش اللبنانيّ، كان في الحكومة العسكريّة الفعليّة، هو الرائد سعد حداد، الذي خلفه عميل آخر ومن الجيش نفسه هو اللّواء أنطوان لحد الّذي فرّ إلى الكيان الصّهيوني مع عملاء آخرين بعد التّحريرِ في ٢٥ أيار ٢٠٠٠.
فموقف بكركي من موضوع الصّراع مع العدوِّ الصهيونيِّ، معلوم في تاريخ البطريركية، التي عقد أحد البطاركة فيها حلفًا لما سُمّي بـ "تحالف الأقلّيات" التي ركز عليها قادة العدوِّ الصهيوني ومؤسّسو الكيان، باستمالة أقلّيات من الدروز والشركس والبدو، ليخدموا في الجيش الإسرائيليّ، وهذا المخطّط بدأ قبل قيام "دولة إسرائيل".
لذلك فإنّ ما أعلنه الراعي، في عظته الأخيرة عن المقاومة بأنّها "إرهاب"، وحاول عبر مصادر في بكركي، بأنه لم يقصد "حزب اللّه"، بل تنظيمات أخرى، لم تقنع الطّائفة الشّيعيّة، التي انبرى رجال دين فيها، بشنّ حملات على الراعي، الذي لم توفّره مواقع التّواصل الاجتماعي، من وصفه بشتّى أنواع العبارات العالية النّبرة، ممّا زاد من الانقسام السّياسيّ والطّائفيّ، في ظلّ فريق سياسيّ وحزبيّ، ويعلنون مواقف معادية للمقاومة، وينعتونها بشتّى النّعوت، وأنّها تقرّر عن الدّولة، وتجرّ لبنان إلى حرب مساندة لـ "غزّة"، لا علاقة للبنان فيها، وهذا ما يردّده البطريرك الراعي.
وتزامن كلام البطريرك الراعي مع وصول المونسنيور باولو بورجيا أمين سر دولة الفاتيكان إلى لبنان، بدعوة من جمعية " فرسان مالطة"، ممّا عطّل مهمّته الّتي غاب فيها المكوّن الشّيعي، وتحديدًا المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الذي قاطع نائب رئيسه الشيخ علي الخطيب، اللقاء الروحي الذي جمع المرجعيات الدينية بالموفد البابوي، ممّا انعكس سلبًا على موقف بكركي لدى الفاتيكان الذي كان دائمًا يدعو المسيحيين في لبنان، لا سيما الموارنة منهم أن يحافظوا على وجودهم فيه، وأن يكونوا خير وسيط بين كلّ الطوائف، والابتعاد عن التّقسيم ومشاريع التّفتيت، وهو موقف رسمي فاتيكاني، يعود إلى فترة اندلاع الحرب الأهلية، ومعاكسة روما للمشاريع التقسيمية، التي طرحتها "الجبهة اللبنانيّة"، وكانت للفاتيكان مبادرات باتجاه الحوار والمصالحات، وساعدوا في عقد مؤتمر الطائف، مع الرئيس حسين الحسيني الذي كان رئيسًا لمجلس النواب، وتشارك مع السّدّة البابوية، في إرساء مبادئ إصلاحية وردت في اتفاق الطائف.
فما أعلنه الراعي من مواقف تتعلّق بالصّراع مع العدوِّ الإسرائيليّ، لا تنسجم مع تماسك الجبهة الداخلية اللبنانيّةِ، في معركة رأى فيها طرف لبناني وهو "حزب اللّه"، أن يفتح معركة استباقيّة ضدَّ العدوِّ الإسرائيليِّ، الذي ما إن ينتهي من حربه في غزّة، سيرتدّ على لبنان، للقضاء على المقاومةِ فيه، وهو لم ينجح في تحقيق أهدافه، لا بل تلحق به الهزيمة، وهي المعركة الاستباقية التي خاضها "حزب اللّه" ضدَّ الجماعات الإرهابيّة التّكفيريّة في سوريا، كي لا تتمدّد إلى لبنان، وحاولت لكنّها اندحرت في عرسال، في وقت كان يرحّب بها ويحتضنها من يدّعون "السّيادة"، ويلاقون احتضانًا في بكركي.
فكلام الراعي، زاد من الشّرخ الدّاخلي، وهو لا يفيد في حرب الوجود مع الكيان الصّهيونى، إلّا من يريد إزالة المقاومة ضدّه.

alafdal-news



