كريستال النوّار - خاصّ الأفضل نيوز
انتشرت تقارير عن استخدام الجيش الإسرائيلي الذّكاء الاصطناعي للمُساعدة في تحديد الأهداف التي ستُقصَف في غزّة، ممّا أثار قلقاً دوليًّا من أنّ حياة النّاس باتت بين أيدي الروبوتات وأيُّ خطأ بسيط يُمكن أن يتسبّب بمجزرة. وكلّ كلامٍ عن هذا الموضوع لا يُمكن أن يصف مدى إجرام إسرائيل في لجوئها إلى هكذا وسائل لقتل المدنيّين والأطفال وكأنّهم ليسوا بشراً!
يُشير الخبير في التحوّل الرقمي وأمن المعلومات رولان أبي نجم، في حديثٍ لموقع "الأفضل نيوز"، إلى أنّ "الذكاء الاصطناعي أصبح من أهمّ الأدوات الأساسيّة في الحروب، حيث التركيز على الأسلحة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي وعلى الاستخبارات التي بدورها ترتكز على البيانات، التي يتمّ تجميعها ومُعالجتها واستخدامها عبر التّجسّس على الهواتف الذكيّة ومن خلال الطائرات الاستطلاعيّة وغيرها"، مُشدّداً على أنّ "الوسيلة الأهمّ في الحروب اليوم هي الذكاء الاصطناعي".
برنامج "لافندر"
يستخدمُ مسؤولو مخابرات في إسرائيل برنامجاً يُعرَف باسم "لافندر" للمُساعدة في تحديد الأهداف التي يتمّ قصفها في غزّة. ووفق تقرير إعلامي نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، صنّف الجيش الإسرائيلي عشرات الآلاف من سكّان غزة كمُشتبه بهم باستخدام نظام الذكاء الاصطناعي ومن دون مراجعة بشريّة تُذكَر.
ويُشير التقرير إلى أنّ البرنامج حدّد أكثر من 37 ألف فلسطيني ومنازلهم ووضعهم على قائمة الأهداف، إذا أعطى الجيش موافقةً شاملة للضباط الإسرائيليين لاعتماد "قوائم خاصة بلافندر، من دون الحاجة للتحقّق بدقّة من أسباب اختيارهم أو حتّى فحص البيانات الأوليّة التي استند إليها".
في هذا الإطار، يقول أبو نجم: أكبر مثال على استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير الأسلحة، ما رأيناه في إسرائيل ببرنامج "لافندر". وهو برنامج يجمع بيانات عن أعداء إسرائيل وعلى أساسها يتمّ تحديد الأشخاص المُراد استهدافهم، مرتكزين على معلوماتٍ استخباراتيّة".
ويُتابع مُفسّراً كيفيّة استخدام البرنامج في الحرب: "إنّ تجميع معلوماتٍ في برنامجٍ واحد يُمكن أن يُحدّد مَن المُستهدَف، ثمّ يحصل الاستهداف بأسلحةٍ ذكيّة مطوّرة من الذكاء الاصطناعي كما رأينا في عمليّة اغتيال صالح العاروري في الضّاحية الجنوبيّة في بيروت، بصواريخ انفجرت في مكان وجود العاروري من دون التسبّب بأيّ ضرر جانبي".
ويُضيف: هذه أسلحة ذكيّة باستخدام روبوتات الذكاء الاصطناعي. ونرى أنّ "الدرونز" كلّها تعمل بالذكاء الاصطناعي ويُمكن أن تُحدّد أهدافها من خلال الـ face recognition والـbiometric information .. كلّها أمثلة عن استخدام الذكاء الاصطناعي بالحروب بالإضافة إلى الخروقات السيبرانيّة وغيرها".
ما هو نظام "ستورم كلاود"؟
بالإضافة إلى "لافندر" وغيره من الأنظمة والبرامج، يلفت أبو نجم إلى أنّ "ستورم كلاود" نظام ذكاء اصطناعي يرتكز بالدرجة الأولى على موضوع الداتا والبيانات وبالدرجة الثانية على الخوارزميات والـ computing power لمُعالجة البيانات.
ويسمح هذا النّظام بالتجسّس على أهدافٍ بعيدة، واستدراج الأهداف عبر الـ biometric information ويُمكن أن تربط البيانات ببعضها لتكون قرارات الحرب واضحة عند المعنيين.
ماذا عن المخاوف والثغرات؟
هناك مخاوف كبيرة من استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب، فملاً في حال إدخال البيانات بشكل خاطئ في برنامج "لافندر"، ستكون لدينا نتائج خاطئة في الاستهدافات، وفق ما يقول أبو نجم.
ويُتابع: "من الأسباب التي دعت مجلس الأمن الدولي إلى الانعقاد بموضوع الذكاء الاصطناعي هو استخدامه في الحروب وكيف يمكن أن تكون هناك روبوتات تتقاتل بين بعضها البعض، وهذا يعني أنّه يُمكن أن تأخذ قراراتٍ في ساحة الحرب من دون اللجوء إلى أيّ مرجعيّة أخرى من البشر... هذه من أكبر المخاوف".
من جهته، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن "قلقٍ بالغ" بسبب تقارير استخدام الجيش الإسرائيلي الذكاء الاصطناعي للمُساعدة في تحديد الأهداف التي ستقصف، وقال: "يجب ألا يسند أي جزء من قرارات الحياة والموت التي تؤثّر في أسر بأكملها إلى حسابات اللوغاريتمات بدم بارد". وتابع: "على مدى الأشهر الستة الماضية، تسبّبت حملة الجيش الإسرائيلي في موتٍ ودمار بلا هوادة للفلسطينيين في غزة... احترام القانون الإنساني الدولي أصبح في حالة يُرثى لها. ولقد حذّرتُ لسنواتٍ عدّة من مخاطر تحويل الذكاء الاصطناعي إلى سلاح والحدّ من الدور الأساسي الذي تؤدّيه الإرادة الإنسانية".
وفي جنوب لبنان، وفق أبي نجم، لدى إسرائيل كلّ الوسائل والأدوات لاستخدامها في الحرب و"رأينا الاستهدافات الأخيرة كيف تمّت لشخصيّات معيّنة".
في القانون...
أمّا بالنّسبة إلى القانون، فلا قوانين تنظيميّةً للذكاء الاصطناعي لتجريم استخدامه في الحروب، خصوصاً وأنّ الموضوع ما زال جديداً والقوانين ما زالت في وضعٍ لا يسمح لها بضبط هذا الموضوع.
عندما تتحوّل التكنولوجيا من وسيلةٍ لخدمةِ البشر إلى سلاحٍ لقتلهم، تبدأ الفظائع والمجازر والخوف من الغرق في دوامةِ عنفٍ تخرجُ عن سيطرة الإنسان وتتخطّى قدرته على ضبطها! هذه فعلاً نهاية العالم...

alafdal-news
