ميشال نصر - خاصّ الأفضل نيوز
انتهت جولة أمين سر دولة الفاتيكان في بيروت، تاركة خلفها الكثير من التساؤلات الكبرى والاصطفافات وخيبات الأمل. ففي شكلها الظاهر رأى فيها الكثيرون فشلا، من مقاطعة القيادات المسيحية، الى "كسر للجرة" مع الثنائي،مرورا بسقوط رهان "إجباره" البطريرك على التنحي، إذ جددت الزيارة "الثقة" ببكركي وسيدها.
غير أن العالمين بخفايا الزيارة وكوليسها، يجزمون أنها شكلت محطة مفصلية في تاريخ مسيحيّي لبنان، قد ترسم مستقبلهم لسنوات قادمة، غامزة من باب أهمية عظة البطريرك بشارة الراعي، عشية وصول رجل الفاتيكان الثاني الى لبنان، ولهجتها العالية، التي تتقاطع مع ما ورد في وثيقة بكركي غير المعلنة، ومواقف الكرسي الرسولي المؤيدة.
واضح أن "الزيارة الفاتيكانية" انتهت الى تثبيت واقع أن الانقسام الطائفي، عاد الى البلد، على خلفية الملف الرئاسي،.والفراغ المتحكم بالبلاد منذ قرابة السنتين، حيث وجهتا نظر تتقاسمان المشهد اللبناني، محورهما أولوية الانتخابات الرئاسية، وبالتالي الشراكة والدور المسيحيّين.
تقوم وجهة نظر المحور الأول، التي تشكل رأس سهمها، حاضرة الفاتيكان في الخارج، واستتباعا الصرح البطريركي، تتمثل بأولوية ملء الشغور في بعبدا، على أي شيء آخر، انطلاقا من الرغبة في أن يكون رئيس الجمهورية، عراب أي تسوية قادمة، لا أن يكون نتيجة لها ومديرا لأزماتها، كما درجت العادة مع قيام الجمهورية الثانية، مع ما يعنيه ذلك من عودة الدور المسيحي.
مع الإشارة، إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تشاطر عاصمة الكثلكة، تلك الريبة، إذ وفقا لمصادر مواكبة لزيارات الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الى بيروت، فإن الأخير طرح في إحدى جولاته، على بيك المختارة هاجس المسيحيين هذا، متمنيًا فرط ثلاثية الثنائي-السراي-المختارة، المتحكمة بقرارات حكومة تصريف الأعمال.
من هنا جاءت الرسالة القوية التي أعلنها أمين سر الفاتيكان من مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، وتحميله الأخيرة ومن خلفها مسؤولية الشغور في المركز المسيحي الأول، مع ما يعنيه ذلك، من تبَنٍ لوجهة نظر الكنيسة برفض أي حوار، أو إرساء أي أعراف قد تفتح الباب أمام إشكاليات مستقبلية، وهو أمر لا يستقيم إلا بإجراء الاستحقاق الدستورية في موعدها.
على المقلب الآخر، يقف الثنائي الشيعي ومن خلفه، حيث كرست حرب طوفان الأقصى، معادلة ربط الساحات في الإقليم، والأهم أن الأجندة الإقليمية تتقدم على الأجندة المحلية، إذ يرى هذا الفريق أن لا شيء يفرض الاستعجال وانتخاب رئيس اليوم، طالما يستحيل على المحور إيصال مرشحه، والمطروح "الخيار الثالث"، من هنا الإصرار على الانتخاب بعد إنجاز التسوية، حيث لا يعود للاسم أهميته.
هذه القراءة وفقا للمصادر، قد تؤدي في حال عدم حصول حرب على الحدود الجنوبية، الى صراع داخلي كبير، قد يتدحرج إلى أن يصل لوضع شبيه بعشية تموز ٢٠٠٦ وما تبعه. عند هذه النقطة يصبح كلام النائب كميل شمعون يحمل الكثير من الدلالات والمعاني.
عليه، فإن ما بين الكنيسة، بشقيها، وحارة حريك، فالق كبير يفصل، بات من الصعب ردمه، بعدما وصل الافتراق الى حدود الخيارات الاستراتيجية بالنسبة لحزب الله، والوجود المسيحي الحر بالنسبة للقيادة الروحية المسيحية، وهو ما دفع بأمين سر الفاتيكان الى عقد خلوة دامت لساعتين، مع أحد أبرز القادة المسيحيين، منظرا لصالح خيار وحدة الصف الداخلي، وضرورة اللقاء تحت عباءة بكركي.

alafdal-news
