ميشال نصر-خاصّ الأفضل نيوز
واهم من يعتقد أن الجهود الداخلية والخارجية محصورة راهنا بملف التطورات على الجبهة الجنوبية، والحديث عن هجوم إسرائيلي محتمل على لبنان، فتحت الطاولة، ثمة حديث آخر وخطوط مفتوحة، من رحلة "حج" أمين سر دولة الفاتيكان إلى بيروت، وصولا إلى زيارة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين إلى باريس للقاء الموفد الرئاسي جان ايف لودريان، تبحث ملف رئاسة الجمهورية، وسط إجماع على ضرورة الاستفادة من الوقت الباقي قبل الانتخابات الأميركية لإنجاز تسوية ما، تحسن ظروف هزيمة الديمقراطيين، وتسجل نقاطا لصالح الرئيس ماكرون، الذي يستعد لفترة تعايش مع اليمين المتطرف.
من هذين المعطيين تنطلق "الثامن من آذار" راسمة استراتيجيتها لإيصال مرشحها، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلى بعبدا، على عربة يجرها حصان إقليمي أصفر "ثوري"، وداخلي برتقالي "مشاغب"، عبر صفقة إقليمية لن تكون قبل نهاية أيلول المقبل، بعد أن تكون الأمور قد "استوت"، وباتت الأطراف الدولية مكرهة لا بطلة، على السير بتسوية شبيهة بتلك التي حصلت عام٢٠١٧ واوصلت لأول مرة إلى الرئاسة الأولى، بعد ثورة ٢٠٠٥، رئيسا "مصفى" من الثامن من آذار، هو العماد ميشال عون.
فوفقا لمصادر الثامن من آذار، بات من الواضح أنه في باريس وواشنطن ثمة من يدفع باتجاه "مرشح المواجهة" ، بعد إسقاط مرشح "الخيار الثالث"، وتوجيه الضربة القاضية للمبادرة القطرية، وإصرار بعض الداخل على شروط يستحيل على حارة حريك قبولها أو السير فيها، رغم أن مبادرة التيار الوطني نجحت في فتح ثغرة واسعة في جدار وحدة فريق المعارضة، العاجز عن الاتفاق على مرشح لخوض المواجهة، خصوصا أن اللعبة اليوم باتت محصورة في الكتل الوسطية، التي تنتظر كل منها كلمة السر من راعيها.
عليه فإن ما يجري اليوم، هو تأمين أكثرية ال٨٦ نائبا، لحضور حوار الـ "بمن حضر" ، في المرحلة الأولى، وبالتالي ضمان أكثرية الثلثين، أي النصاب لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية، لميرنا الشالوحي خلالها حق خوضها وفقا لمصالحها وحساباتها، وإن كان ثمة محاولة من عين التينة لإقناع البياضة، للسير ببيك زغرتا.
لكن هل يعني ذلك أن الأمور حُسمت؟
تسارع أوساط مطلعة إلى التأكيد أنه غالبا ما لا تتطابق حسابات الحقل مع حسابات البيدر، ففي واشنطن، كما في باريس شد حبال كبير، وإمكانات "خربطة" أي اتفاق واردة بنسبة كبيرة، نتيجة توازنات القوى، فالجمهوريون أنجزوا على ما يبدو مسودة اتفاق مع روسيا حول أكثر من ملف في العالم، ومن ضمنها النفوذ في الشرق الأوسط، حيث لا مراعاة للجمهورية الإسلامية إلا في حدود ضيقة، أما في باريس فالوضع ليس بأحسن مع تغيير فرنسا لحصانها اللبناني مع وصول اليمين إلى الحكومة. في هذا الإطار يبدو أن مصر - السيسي، كانت أول من قرأ التطورات المرتقبة فعينت وزيرا للخارجية محسوبًا "صرف" على الغرب.
هذه المعطيات، والكلام للأوساط، تقود إلى الاعتقاد أن لعبة حفة الهاوية قد لا تنجح هذه المرة، أيًّا كانت نتائج المواجهة الحاصلة مع إسرائيل وأيا بلغ حجمها، مذكرة بأن التسوية التي أنجزتها إيران عام ٢٠١٧، طيرها وصول ترامب، الذي ألغى الاتفاق المبرم مع طهران، بمندرجاته النووية، وبنوده المتعلقة بنفوذها في المنطقة، أما لبنانيًّا فكانت النتائج كارثية، مع غرق البلد وانهياره التام، رغم إمساك الثامن من آذار بكل سلطاته الدستورية بشكل مباشر.
فهل تتكرر التجربة، لتصح مقولة وزير الخارجية السابق مايك بومبيو، "المطلوب الدمار الكامل والشامل لإعادة البناء من جديد؟ أم أن الثامن من آذار قد تعلمت من درس ٢٠١٧؟