كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
تنهي حرب غزّة شهرها التاسع، والتي شنّها العدوُّ الإسرائيليُّ، كردّ على عملية "طوفان الأقصى"، التي نفذتها "كتائب القسام" في حركة "حماس"، إذ ما زال جيش الاحتلالِ الإسرائيليّ يغرق في مستنقع القطاع، الذي لم يحرز فيه أهدافه بالقضاء على حركة "حماس" أوّلًا، كفصيل مسؤول عن الدخول إلى مستوطناتِ غلافِ غزّة، وكسر هيبة الجيش الإسرائيليّ والمنظومة الأمنيّة الإسرائلية، وما زالت فصائل المقاومةِ الفلسطينيّة، ومعها "حماس" تقوم بعمليات مقاومة ضد الاحتلالِ الإسرائيليِّ، وفق أسلوب "حرب العصابات" بالكمائن وتفخيخ الأبنية واستهداف تجمّعاتِ العدوِّ وآلياته، وهذا ما يؤكد فشل الحرب على غزّة، التي ما زالت قياداتها فيها، ولم يصل إليها جيش الاحتلالِ كرئيس المكتب السياسي في غزة يحيى السنوار، والقائد العسكري محمد أبو ضيف وآخرين غيرهما، وهذا ما أربك الحكومة الإسرائيليّة برئاسة بنيامين نتنياهو الذي يفتش عن نصر، فلم يحصل عليه، وما ادّعاه عن السيطرة على كلّ أحياء غزّة، وبأنه سينهي العمليّة العسكريّة في رفح خلال عشرة أيام أو أسبوعين كحدّ أقصى، تبيّن أنه خداع وكلام القصد منه تخفيف الضغط الشعبي بتحرير الأسرى، الذين لم يعد نتنياهو مهتمًّا بهم، لا بل أبلغ أهلهم بأن وجود "إسرائيل" أهم منهم، وتستحق أن يقتل ١٢٥ أسيرًا لتبقى، والقضاء على الخطر الوجودي الذي تمثله حركات المقاومة الفلسطينيّة.
فالحربُ على غزة مستمرّة، ومعها جبهات المساندة لا سيما في لبنان، وأن مبادرات وقف الحرب متوقفة، منذ أن أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن اقتراحاته المنقولة عن نتنياهو كما قال، والتي تنصّل منها رئيس حكومة العدوّ، ووافقت عليها حركة "حماس"، لأنها توقف الحرب وتنسحب قوات الاحتلالِ الإسرائيليِّ من غزة، وتحصل صفقةِ تبادلِ الأسرى والرهائن من الطرفين.
فحركة "حماس" ومنذ اقتراح بايدن قبل أكثر من شهر، لم تتلق اقتراحات جديدة، ولم يتحدث معها أي طرف، لا سيما مصر وقطر حول وقف الحرب، التي تطول ليس لأشهر بل لسنوات، وأعدت لها المقاومةُ الفلسطينيّة كل أدوات الصمود، بالرغم من الدمار الواسع، والعدد الكبير من الشهداء الذي لامس ٤٠ ألفًا، إضافة إلى عشرات آلاف الجرحى والمفقودين، فإن خيار المقاومةُ الفلسطينيّة هو استكمال المواجهةوبأساليب مختلفة، وأن الحاضنة الشعبية للمقاومةِ قائمة، بالرغم من كل المآسي والألم والجوع وفقدان عائلات، فإن حساب الشعب الفلسطيني، بات يختلف عن ما كان عليه في العقود الماضيةِ، أي منذ النكبة في العام ١٩٤٨ إلى النكسة في العام ١٩٦٧، لأنه قرر أن يمتلك حق المقاومة، التي لجأت إليها شعوب أخرى، وحصلت على التحرير، كما في لبنان، يقول قيادي بارز في حركة "حماس"، الذي يبدو متفائلًا من أن إسرائيلَ ستلقى هزيمة عسكريّة وسياسيّة، وأن زمن الهزائم هو الآتي على الكيان الغاصب، والانتصارات هي لمحورِ المقاومة، وفق ما يؤكد القياديّ الذي يكشف عن ضغوطات كثيرة تتلقاها "حماس" لتقديم تنازلات، لكنها رفضت حتى من أصدقاء طلبوا منها، لوقف الحرب المدمرة، فكان جواب "حماس" المرونة في التعاطي مع كل مقترح، وإيجابية في تسهيل كلّ ما يصبّ في هدف وقف الحرب، وليس تسليم الأسرى، الذي سيكون فكّ حصار شعبيّ وسياسيّ عن حكومة نتنياهو التي تتخبّط داخلياً، وهي في تناقضات مع المؤسسة العسكرية، كما أنها على تباين مع الإدارة الأميركية، ولم تعد قادرة أن تحشد العالم حولها، لا بل خسرت الرأي العام الدولي، ومنه الأميركي.
فليس من جديد في وقف الحرب على غزّة، بعد أن دخلت أميركا في معركتها الرئاسية، وكلّ الحراك باتجاه حلّ لوقف الحرب متوقّف أميركيًّا، حتى انتهاء الانتخابات وصدور نتائجها في ٥ تشرين الثاني ٢٠٢٤، وتكون الحرب على غزة قد مرّ عليها عام.