ميشال نصر - خاصّ الأفضل نيوز
على وقع التصعيد الكلامي المستمر، في ظل معادلات الردع الجديدة التي يحاول كل من طرفي الصراع على الحدود الجنوبية فرضها، لا زالت التساؤلات مطروحة حول كيفية نجاح مسيرات حزب الله الاستطلاعية بالتوغل بعمق أكثر من خمسين كيلومترًا وصولًا الى ما بعد حيفا، وأن "تسرح وتمرح" لساعات في السماء على مرأى المعنيين، وتعود "سالمة غانمة"، رغم أن الساعات الماضية شهدت طرح سؤال آخر جدي، حول ما قصدته إسرائيل من أنها ستستعمل في أي حرب مع لبنان، أسلحة لم تستعملها قبل، رغم أن مخيلات البعض ذهبت الى السلاح النووي، ذات الأحجام الصغيرة، وهو ما يبقى من ضروب الخيال حتى اللحظة.
وفيما يبدو المشهد أكثر تعقيدًا وسوادًا، مع إصرار حارة حريك على أن "لا كلام ولا سلام" قبل وقف الحرب على غزة، تتكشف يوما بعد يوم القدرات التي نجح حزب الله في مراكمتها منذ حرب 2006، رغم انهماكه في الحرب السورية، واستنزافها لطاقاته وقادته، حيث لا زالت تلك عملية مسار متابعة ودراسة عند أكثر من جهة محلية ودولية.
واضح أن الميزات التكنولوجية لمسيرة "هدهد3"،لعبت دورًا مهما، حيث تم اختيارها بعناية من قِبل خبراء الحزب، من بين أنواع أخرى من مسيرات الاستطلاع، التي يمتلكونها، لإنجاز تلك المهمة الدقيقة في العمق الإسرائيلي على بعد حوالي 55 كيلومترًا من الحدود اللبنانية. فعملها على الطاقة الكهربائية(بطاريات) يجعل صوتها منخفض، تحلق عاموديا، ما يعطيها القدرة الإقلاع والهبوط العامودي، ومواصلة التحليق الآمن حتى في حال فقدان أو عطب أحد محرّكاتها، بفضل محركاتها الثمانية الموزعة ثلاث مراوح في جناح، بسرعة قصوى حوالي 70 كلم في الساعة لمدة 53 دقيقة وفقا لحال الطقس. أضف إلى ذلك، أنها تحمل مجموعة من الكاميرات المتطورة، القادرة على التحرك بزاوية 360 درجة.
غير أن المثير في القصة، أنه يمكن نقلها بأمان في صندوق مع جميع المعدات اللازمة لها، وسط قدرتها على الطيران بثبات في مختلف الأحوال الجوية، ليلاً ونهارًا، بحرًا وبرًا، فضلًا عن إمكانية الإرسال المتزامن للمعلومات إلى المحطة الأرضية والعودة إلى القاعدة في الظروف الطارئة وإمكانية الهبوط الآلي تماماً والقدرة على التحليق الآلي الكامل خارج رؤية الطيار المتحكّم بها.
يشار إلى أن هذه المسيرة، سبق وظهرت خلال المناورة الحية التي نفذها حزب الله في بلدة عرمتي ، قبل أيام من الذكرى الـ23 لعيد المقاومة والتحرير، كما كان سبق وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا لمقاتلين من حزب الله قرب الخط الأزرق وهم يجهزون "الهدهد 3" لإطلاقها، أمام أعين الجنود الإسرائيليين.
مصادر عسكرية ميدانية، أشارت الى أن عملية "الهدهد" كانت مركبة، أي أنها نفذت عبر أكثر من مسيرة وأكثر من نوع وأطلقت من أكثر من اتجاه، كاشفة أن المسيرة التي حلّقت فوق حيفا، وتمت رؤيتها بالعين المجردة، يرجح أنها انطلقت من منصة متحركة في البحر، أي بتعاون بين بحرية الحزب وسلاح المسيرات، وإن كان من الممكن جدا الأخذ بالنظرية الإسرائيلية التي تحدثت عن انطلاقها من داخل الأراضي الفلسطينية.
وتابعت المصادر، بأن تصوير الخط الممتد شمالي "كريات شمونة" و"نهاريا" و"صفد كرميئيل" و"العفولة" مرورًا ببلدة كريوت، قد تم تصويره بمسيرة أخرى على الأرجح، غير تلك التي صورت منطقة حيفا، والتي عادت من فوق البحر إلى لبنان. أما عن نجاح الحزب في اختراق المنظومات الدفاعية الجوية، فأعاده المعنيون الى مجموعة أسباب، أولا، ضرب منظومة القيادة والسيطرة في قاعدة ميرون، وكل ما يتبع لها من مناطيد ووسائل تحسس وأجهزة رادار، يعمد الحزب في إطار الحرب الإلكترونية، على التشويش عليه، وهو ما يسمح بفتح ثغرات في جدار الدفاع الجوي، ثانيا، اختراقها من ضمن مجموعة مسيرات للتمويه، والتي تحلق على مستوى منخفض جدا، وهو ما سمح بالتقاط هذه الصور بهذه الدقة، وقد يكون غياب الإحداثيات عن الصور المنشورة، لجهة الارتفاع وغيرها، مقصود من قبل المقاومة،ثالثا، عدم قدرة الرادارات على رصدها بسهولة متى توغلت في العمق.

alafdal-news



