ليديا أبودرغم - خاصّ الأفضل نيوز
تُعد عملية "طوفان الأقصى" نقلة مذهلة في شكلها ونتائجها وآثارها ليس على الأراضي الفلسطينية فقط، وإنّما على الإقليم بكامله ودول العالم، وعلى ما يبدو أنها فعلت فعلها في المنطقة، مع عدم إعلان الإدارة الأميركية الراهنة عن تمديد العمل بـ "قانون قيصر" القاضي بتشديد الحصار الاقتصادي على سوريا، فارضة بذلك خارطة سياسية وجيواستراتيجية جديدة جعلت دول العالم تتسابق للدخول فيها كل وفق مصالحها الاستراتيجية، بعد إنضاج تسوية وقف الصراع في المنطقة انطلاقاً من وقف الحرب في غزة، بعد أن برزت كل علامات الوهن والضعف بشكل واضح على جيش الاحتلال إضافة إلى التصدعات داخل المجتمع الإسرائيلي التي أفرزتها نتائج طوفان الأقصى.
ومما لا شك فيه أن الانفتاح التركي على دمشق وإعادة تفعيل العلاقات بين البلدين لم يكن دون غطاء أميركي، وكذلك الأمر بالنسبة لبعض دول الخليج التي انفتحت على سوريا، وكل ذلك بانتظار جلاء صورة الوضع الراهن في المنطقة مع احتدام الصراع في غزة والتطورات الدولية وفي طليعتها الانتخابات الأميركية، حيث تتخوّف أميركا من اللحقاق بركب نتائج الانتخابات التي حصلت في بريطانيا وفرنسا، حيث تلقت أعتى عواصم الغرب وفي أقل من أسبوع واحد، ضربات متلاحقة وتنحية من الحكم بعد عشرة أشهر من دعمهم للإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة، ورغم أن الانتخابات التشريعية التي جرت في بريطانيا وفرنسا جاءت نتيجة أزمات داخلية ورغبة شعبية في التغيير، إلا أن القضية الفلسطينية كان لها تأثير كبير في التصويت، وبحسب مراقبين لنتائج الانتخابات الفرنسية من الممكن أن تكون فرنسا مقبلة على فترة من انعدام التوازن السياسي، وعلى أزمة سياسية خانقة قد ترقى إلى مستوى "أزمة نظام وجمهورية" كما يحصل في لبنان الذي لايزال أسير الاستحقاق الرئاسي والذي يدور في حلقة مفرغة بدل الاستفادة من التسوية المقبلة في المنطقة بعد تسوية الصراع فيها.
"طوفان الأقصى" غيّر أيديولوجية العالم في التقسيمات السياسية والاقتصادية وحتى الجيوسياسية، وفلسطين الآن هي التي تعيد تشكيل العالم بالنسبة لمنطقة غرب آسيا، وحتى شمال أفريقيا. وإذا كان الأميركي والغربي يريد زيادة التفتيت والفتنة من أجل الهيمنة، ستكون الكلمة للميدان، وعند أصحاب القرار، صحيح أن الكلمة للميدان، ولكن للوعي أيضًا دور أساسي ومهم، والميدان هو نبض الوعي.