حمل التطبيق

      اخر الاخبار  "رب همة أحيت أمة".. مخاتير راشيا: الغد الأفضل حكومة داخل حكومة والبقاعيون المستفيدون الأوائل   /   "حداثةٌ غربيةٌ بروحٍ بقاعية".. مهنا: "الغد الأفضل" صرحٌ يفوقُ التّوقعات   /   ‏"بلومبرغ": السفينة التي استولت عليها الولايات المتحدة قبالة سواحل فنزويلا هي ناقلة نفط عملاقة ترفع علم بنما وتملكها الصين   /   القناة 12 الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينهي عملية نزع السلاح من غزة داخل الخط الأصفر   /   رئيس الاستعلامات المصرية: لا يوجد أي تواصل دبلوماسي مباشر بين مصر وإسرائيل   /   ‏رئيس الاستعلامات المصرية: صفقة الغاز لا علاقة لها بالقرار السياسي المصري بشأن غزة ومواقف مصر بشأن رفض تهجير الغزيين لا يمكن مساومته   /   وزير الخارجية التركي: يجب أن يحكم غزة أهلها ولا يجوز تقسيم أراضيها بأي شكل وكل ما ينفذ في غزة يجب أن يكون لصالح أهلها   /   رئيس الاستعلامات المصرية للحدث: إسرائيل حاولت استغلال صفقة الغاز قبل إقرارها للتأثير على القرار المصري   /   ‏وزير الخارجية التركي: هناك دراسة أولية حول إعادة إعمار غزة وتم عرضها علينا وناقشناها بشكل أولي   /   وزارة الداخلية العراقية تنفي وقوع عملية تسلل من الجانب السوري عبر الشريط الحدودي بين البلدين   /   وزير الخارجية التركي: نؤكد على أن تدار غزة من قبل الغزيين وألا يتم تقسيمها وأن تكون الاستثمارات لصالح أهلها   /   وول ستريت جورنال عن مسؤول أميركي: وحدات من البحرية دعمت قوات خفر السواحل بمصادرة سفينة نفط قبالة فنزويلا   /   هيئة البث الإسرائيلية: في أوساط إسرائيلية يعتقدون أن رفع العقوبات بشكل كامل يضعف الموقف التفاوضي الإسرائيلي أمام سوريا   /   مبعوث بوتين: نعتزم تطوير التعاون مع أميركا في القطب الشمالي   /   وزارة الداخلية السورية: إحباط محاولة تهريب 26 ألف حبة كبتاغون من سوريا إلى السعودية   /   تفجير إسرائيلي في محيط منطقة اللبونة - الناقورة   /   القناة 13 الإسرائيلية عن مصدر أمني: سلطة السجون الإسرائيلية تدرس إقامة سجن أمني جديد محاط بالتماسيح بطلب من بن غفير   /   مصدر روسيّ لفرانس برس: الموفد الروسيّ وصل إلى ميامي لإجراء مباحثات عن أوكرانيا   /   كتائب حزب الله العراقي: السيادة وضبط أمن العراق ومنع التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها هي مقدمات للحديث عن حصر السلاح بيد الدولة   /   مجلس القضاء العراقي: لا يمكن دستوريا تأجيل أو تمديد جلسة البرلمان في 29 ديسمبر   /   ‏مستشار رئيس وزراء العراق: الحوار مستمر مع الفصائل الرافضة لحصر السلاح   /   مستشار رئيس وزراء العراق لـ "الحدث": وصلنا إلى مرحلة متقدمة في حصر السلاح وفرض سيادة القانون   /   بيان أميركي قطري مصري تركي: تقدم بالمرحلة الأولى من اتفاق غزة شمل المساعدات وإعادة الجثث وخفض الأعمال العدائية   /   بيان أميركي مصري قطري تركي: المرحلة الأولى من اتفاق غزة حققت تقدما   /   ‏هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤولين: ترامب رفض طلبا إسرائيليا بعدم رفع جميع العقوبات عن سوريا   /   

بُكائيّة نتنياهو و"تراجيديته" أمام الكونغرس: ترحيب "جمهوري" وامتعاض "ديموقراطي"

تلقى أبرز الأخبار عبر :


طارق ترشيشي_خاصّ الأفضل نيوز

 

بغض النظر عن كل التفسيرات والتحليلات التي تناولت وستتناول خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخير أمام الكونغرس الأميركي وأهدافه فإن كل المعطيات الماثلة على أرض الواقع سياسيا وعسكريا تدل الى أن إسرائيل ستقدم في قابل الأيام والأسابيع في قطاع غزة كما في الجنوب على تصعيد واسع، لأن نتنياهو سيعود من واشنطن حاظيا على ما يبدو بالدعم المادي والعسكري الذي طلبه محاولا حسم الحرب لمصلحته قبل وصول صديقه دونالد ترامب أو منافسته الديموقراطية كمالا هاريس، إلى البيت الأبيض مطلع السنة المقبلة.

 

فالسردية البكائية التي رتّلها نتنياهو أمام الكونغرس مدعومة ببعض السكيتشات المسرحية لبعض الأسرى المفرج عنهم ولبعض العسكريين الذين أصيبوا بإعاقات نتيجة الحرب والذين اصطحبهم معه كـ"كومبارس" مطلوب لـ"سيموفونيته"، صبت كلها في إطار أمرين أراد الحصول عليهما من الولايات المتحدة الأميركية: الأول، الدعم المادي والتسليحي لإسرائيل لتمكينها من استكمال معركتها ضد حماس وحزب الله. والثاني الحصول على موافقة الولايات المتحدة الأميركية وتغطيتها السياسية والمادية للإجهاز على القضية الفلسطينية وتشكيل تحالف دولي أو أمني إقليمي نواته واشنطن تل أبيب لتوجيه ضربة مدمرة لإيران التي اعتبرها "مصدر الشر".

 

ربما ينجح نتنياهو في الحصول على الدعم المادي والتسليحي لكنه لن ينجح في تكوين التحالف الإقليمي أو الدولي لمواجهة إيران كما أنه لن ينجح في الإجهاز على القضية الفلسطينية في ظل قرار "محور المقاومة" الذي عبر عنه ويعبر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من أن حركة "حماس" وأخواتها "لن تهزم ولن يكون مسموحا إلحاق أي هزيمة بها وأنها ستخرج من الحرب منتصرة".

 

ويقول أحد الأقطاب السياسيين الذين تتبعوا وقائع زيارة نتنياهو لواشنطن أنه إذا كان لا بد من وصف المشهد الأميركي الذي رافق خطابه أمام الكونغرس فيمكن القول أنه كان هناك ترحيب "جمهوري" به مقابل امتعاض "ديموقراطي" ، إلى درجة أن هذا الخطاب زاد من حدة الانقسام السياسي التي تعيشه الساحة الداخلية الأميركية في ظل الحملات الانتخابية العاصفة بين الحزبين المتنافسين في السباق إلى البيت الأبيض فسردية نتنياهو البكائية أمام الكونغرس جاءت بمثابة سكب ماء فوق صفيح ساخن ما أحدث إرباكا في الداخل الأميركي أظهر مدى الهزال والانحطاط الذي وصل إليه العقل النخبوي الأميركي الذي يمثل أعضاء الكونغرس جزءًا أساسيا منه. كذلك أظهر أن هذه النخب السياسية وبعد عشرة أشهر على الإبادات الجماعية والمجازر والتدمير الإسرائيلي الممنهج لقطاع غزة لم تغير رأيها في الوقت الذي دلها الحراك الطالبي في الجامعات الأميركية الى هذا الأمر بوضوح لا لبس فيه. فهذه النخب ما زالت مأخوذة بالدعاية الصهيونية القائمة على الاستعطاف الكاذب والتي قامت أساسًا على الكذبة التي ركبتها على مقولة "أن العرب يريدون رمي اليهود في البحر" والتي قوّلها الصهاينة لأول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد الشقيري أمام الأمم المتحدة مع أنه لم يقلها أصلا، ولا يزالون يعيشون عليها دعما عالميا لا محدودا في مواجهة الشعب الفلسطيني الذي اغتصبوا أرضه فلسطين منذ ما قبل العام 1948 ولا يزالون.

 

على أن كثيرين ممن استمعوا إلى خطاب نتنياهو خرجوا بانطباع إن الحرب على غزة وعلى لبنان ستستمر وهي قد تكون إلى تصاعد في قابل الأيام خصوصًا وأن نتنياهو سيعود حتما من واشنطن بالدعم المادي والعسكري الذي يحتاج إليه لتنفيذ تهديده بتوسيع الحرب على الجبهة اللبنانية وربما غيرها. ولكن التصفيق الحاد شبه المتواصل الذي تفاعل به أعضاء الكونغرس مع خطاب نتنياهو أخفى حقيقتين: الأولى مقاطعة 112 نائبًا وأكثر من 20 سيناتور ديموقراطي للخطاب،والثانية لجوء الجمهوريين الى إجلاس المساعدين البرلمانيين في المقاعد الديموقراطية التي قاطع أصحابها الجلسة وذلك بغية إظهار حضور حاشد في القاعة المستديرة.

 

علما أن بعض الديموقراطيين الذين قاطعوا الجلسة وصفوا نتنياهو بأنه "مجرم حرب "ولا ينبغي استقباله لا في الكونغرس ولا في غيره . فيما  الجمهوريون الحاضرون تفاعلوا مع خطابه متأثرين بـ"المسرحية التراجيدية" التي أعدها نتنياهو بإتقان بواسطة بعض الأسرى والضباط والجنود الذين حاربوا في غزة كل ذلك من أجل استدرار العطف الأميركي، والعطف هنا يترجم عادة بتقديم المساعدات المادية والاقتصادية والعسكرية. ولكن الغريب أن نتنياهو أوغل عميقا بحيث أنه عرف كيف يلعب على مشاعر الأميركيين وهو اليهودي الأميركي والمنتمي إلى الحزب الجمهوري والذي يدرك العقل الأميركي جيدا ويتقن فنون الدعاية الأميركية. وهو كالعادة أظهر إن إسرائيل هي المقتولة وأن الفلسطينيين المحتلة أرضهم وكل من يقاوم مشاريع الاستيطان والاحتلال ويتصدى لمؤامرات إسرائيل ومخططاتها العدوانية هو القاتل. الى  درجة أن نتنياهو وصل في خطابه إلى حدود التجرؤ على "الذات الأميركية"، إذا جاز التعبير. حيث تصرف وكأنه مرشد للدولة الأم الأميركية الظاهرة والعميقة والمحذر لها من خطر من سماهم "البرابرة" إلى درجة أنه استخف بعقول سامعيه الذين انساقوا إليه صاغرين بأن وصف الحرب الجهنمية التي يشنها ضد الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية بأنه "صراع بين البربرية والتحضر"، مؤكدًا لهم: "نحن سننتصر وهم سيهزمون، وإني آت لأقول لكم نحن سننتصر". واصفا "عملية طوفان الأقصى" بأنها 11" أيلول مكرر 29 مرة". وقائلا: "على إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية الوقوف جنبا إلى جنب حتى ينتصر التحضر". كذلك تجرأ نتنياهو على النظام والمبادئ الديموقراطية وحرية التعبير في البلاد الأميركية عندما ذهب إلى القول "أن إيران هي التي حركت الطلاب في الجامعات الأميركية للتضامن مع القضية الفلسطينية وضد إسرائيل". واتهم الطلاب بمعاداة السامية. كذلك وصل به الأمر حد وصف الذين تظاهروا أمام مبنى الكونغرس أثناء إلقائه خطابه وهم أميركيون من كل الأعراق وبينهم يهود حيث اعتبرهم "دمية " في يد إيران التي قال عنها "أنها وراء كل الإرهاب والاضطرابات وكل القتل حيث قالت أنها سوف تصدر الثورة إلى العالم بأسره وفرض الإسلام الراديكالي على العالم"، لافتًا الى أن "النظام في إيران يحارب الولايات المتحدة منذ تأسيسه".

 

مخاطبًا الأميركيين قائلا: "حربكم هي حربنا وأعداؤكم هم أعداؤنا ونحن لا نحمي أنفسنا فقط بل نحمي الولايات المتحدة الأميركية، وأن النصر يلوح في الأفق وهزيمة حماس ستكون ضربة قوية للمحور الإيراني". ولم يكشف نتنياهو ما يخطط له ضد لبنان، لكنه قال "أن إسرائيل ستفعل ما عليها فعله لإعادة الأمن الى الحدود الشمالية ومن يهاجم إسرائيل سيدفع ثمناً باهظاً". ثم عاد ليؤكد "أن تسريع المساعدات الأميركية لإسرائيل سيؤدي إلى تسريع إنهاء الحرب ولن نرضى بأي شيء أقل من انتصار حركة حماس". مشيرًا الى أن أميركا وإسرائيل يمكنهما تأسيس تحالف أمني إقليمي لمواجهة إيران".

 

ليخلص إلى القول: القدس عاصمتنا الأبدية التي لن تقسم مرة أخرى"، مشددًا على "أن إسرائيل حليف أميركا الذي لا يمكن الاستغناء عنه". وفي هذه الجزئية من الخطاب هنا، يقول الذين تابعوه، كان نتنياهو يرد على ما يقال من أن إسرائيل لم تعد حاجة مرحلية ولا استراتيجية للولايات المتحدة الأميركية والغرب . وهذه المقولة راجت  غداة عملية "طوفان الأقصى" التي فاجأت العالم بهشاشة الأمن والردع الإسرائيليين اللذين كانت إسرائيل تتباهى بهما أمام العالم. علما أن صحيفة هآرتس الإسرائيلية كانت نشرت حقيقة ما حصل في 7 أكتوبر والتي تدحض الرؤية التراجيدية التي قدمها نتنياهو أمام الكونغرس وكانت تكرارا لرواية سابقة ثبت زيفها وتراجع عنها رواتها وكانت شبكة "سي. إن. إن" أول المتراجعين والمعتذرين.

 

على أن نتنياهو بحديثه عن "التحالف الأمني الإقليمي" ضد إيران إن عاد إلى نغمة تحريض العرب ضد طهران وتصويرها على أنها عدوتهم وعدوة إسرائيل، ليحاول من خلال ذلك نسف الاتفاقات التي عقدت وتعقد بينها وبينهم وكان آخرها الاتفاق السعودي الإيراني ثم الاتفاق الإيراني ـ البحريني  والإيراني ـ الإماراتي. وقول البعض هنا: "حسنا فعلت المملكة العربية السعودية عندما أعلنت وزارة خارجيتها غداة الاعتداء الجوي الإسرائيلي على الحُديدة عن الاتفاق بين الرياض وحركة "أنصارالله" الحوثية حول قضايا المساعدات والمصارف وحركة النقل الجوي من مطار صنعاء وإليه، وكذلك إعلان استعدادها لدعم الحوار بين المكونات اليمنية للوصول إلى سلام شامل في اليمن وبينها وبين جيرانها الخليجيين. وفي هذا الموقف، يقول البعض، تكون الرياض قد ردت على نتنياهو الذي يحاول مجددًا الإيقاع بينها وبين إيران مهددًا الاتفاق بين الجانبين الذي رعته الصين في العاشر من آذار 2023.