نوال بو حيدر - خاصّ الأفضل نيوز
لم يَفلت أي شيء في لبنان من تَبعات الانهيار الشامل الذي ضرب البلد ككلّ، منذ العام 2019، إذ خلق تغيّرات كبيرة في المجتمع والاقتصاد، كما أدّى إلى نشوء ظواهر اجتماعية جديدة، التي تأتي في مقدمتها التغيّر الذي طرأ على الطبقات الاجتماعية اللّبنانية، فأصبح جليًّا اتّساع الهوة الاجتماعية بين طبقة ثري٘ة جدًا وأخرى فقيرة ومهم٘شة، وغياب الطبقة الوسطى التي لطالما شكلت صمام الأمان المجتمعي، والبيئة الفضلى للنمو والاستقرار.
إلّا أنّ مشكلة التفاوت الاجتماعي والاقتصادي لا تزال قضية غائبة رسميًا عن حسابات أصحاب القرار في لبنان، الذين لم يظهروا أي رغبة أو قدرة في معالجتها، والتي يبدو أنّها مستمرة في لامبالاتها بشكلٍ متشعب، فهل التحوّلات الاجتماعية والطبقية تتجه للأسوأ في لبنان؟
مصادر اقتصادية تؤكد أنّه "منذ الأزمة الاقتصادية حتّى اليوم تغيّرت الطبقات الاجتماعية وأصبحت متفاوتة بشكلٍ لافت في نِسَبها، فقبل العام 2019 شكّلت طبقة متوسطة من ذوي الدخل الأعلى من المتوسط، قادرة على تأمين جميع متطلبات الحياة وجزء كبير من الرفاهية، إلّا أنّ هذه الطبقة تكاثرت حاليًا وتحوّلت بشكل كلّي إلى طبقة دون المتوسط وطبقة فقيرة".
وفي السياق عينه، اعتبرت المصادر أنّ "الطبقة الوسطى تشكّل الموظفين الإداريين في القطاع الخاص والموظفين الإداريين ذوي الدرجات العُليا في القطاع العام، الطبقة التي تستمر في الانحسار والذوبان، وأنّه عندما نتكلم عن طبقات اجتماعية نعني فيها الفقيرة التي ستتوسع في لبنان بحسب الأمم المتحدة والتي تجاوزت ال80%، والطبقة الغنية التي تتحكم بالسلطة ومصادرها والتي تشكل من 2% إلى 3% والطبقة الميسورة التي استفادت من الانهيار واستطاعت تأمين مداخيل وتحويلات كبيرة من الخارج".
وأضافت: "في لبنان إمّا فقر وإمّا غنى، وهذا الواقع بدأ يؤثر بشكل واضح على النمط المعيشي للشعب اللبناني في كافة القطاعات والخاسر دائمًا المواطن".
ومن هذا المنطلق، شدّدت المصادر نفسها على "أهمية إعادة تشكيل الطبقة الوسطى التي تُعتبر صمام أمان المجتمعات ويجب أن يتم تشكيلها، ولكن هذا لا يمكن أن يحصل إلّا بعد إعادة القدرة الشرائية للرواتب والأجور في القطاعين العام والخاص -اللذين يشكلان الطبقة الوسطى- مع إعادة "الهيبة" للراتب وللقدرة الشرائية، وبدء الإصلاحات وانتظام الدولة اللّبنانية ومؤسساتها".
ونظرًا لغياب كل هذه الخطوات الإصلاحية، ختمت المصادر : "نحن اليوم بعيدون كل البُعد عن إعادة إحياء الطبقة الوسطى التي تتلاشى شيئًا فشيئًا، وأصبحت مجبرة على التكيف مع واقع جديد أو وضع الآمال على الدولة لانتشال هذه الطبقة من التآكل، مع العلم أنّ وجود طبقة وسطى بارزة أمر بالغ الأهمية لمجتمع صحّي ومزدهر".