نوال أبو حيدر - خاصّ الأفضل نيوز
في سياق الجهود الحكومية الرامية إلى ضبط قطاع المولدات الخاصة وتعزيز حماية المستهلكين، أصدر وزير الاقتصاد والتجارة الدكتور عامر بساط مذكرة جديدة تؤكد الجدية في تطبيق القوانين المرعية وتنظيم هذا القطاع الحيوي.
أكد الوزير بساط أن الوزارة ستباشر، بعد انقضاء مهلة الـ45 يوماً، باتخاذ إجراءات صارمة بحق المخالفين من أصحاب المولدات، قد تصل إلى مصادرة المولدات وإحالة المخالفين إلى القضاء المختص. وشدد على ضرورة تركيب العدادات، الالتزام بالتسعيرة الرسمية، ضمان استمرارية التغذية، واحترام المعايير البيئية. كما دعا إلى التعاون الكامل مع الجهات الرقابية، مشيرًا إلى تجاوب عدد كبير من أصحاب المولدات، ومؤكدًا عزم الوزارة على المضي قدمًا في تطبيق القانون حمايةً للصالح العام.
رغم بدء عدد من أصحاب المولدات بتركيب العدادات تجاوباً مع المذكرات الرسمية، إلا أن هذه الخطوة تبقى شكلية ما لم تُرفَق برقابة صارمة وفعّالة على آليات التسعير. فالمشكلة الحقيقية لا تكمن فقط في غياب العدادات، بل في التحايل المستمر على القانون عبر احتساب فواتير تتجاوز التسعيرة الرسمية الصادرة عن وزارة الطاقة، سواء من خلال رسوم خفية، أو احتساب الكيلوواط بأسعار غير واقعية، أو فرض اشتراكات شهرية مبالغ بها. من هنا، تبقى الإشكالية الجوهرية في ضمان الالتزام الفعلي لا النظري، وهو ما يتطلب حضورًا رقابيًا يوميًا من قبل الجهات المختصة، وتفعيل آليات المحاسبة بجدية، لأن أي تهاون سيُفرغ الإجراءات الحالية من مضمونها، ويعيد إنتاج الأزمة نفسها بثوب قانوني مزيّف.
أوديشو: نلتزم بالقانون ونطالب بتسعيرة مُنصفة
يؤكد منسق تجمع أصحاب المولدات في لبنان، داني أوديشو لموقع "الأفضل نيوز" أن "التزامهم تام بقرارات وزير الاقتصاد والتجارة عامر بساط، معتبراً أن الالتزام بالقوانين والأنظمة هو الأساس لضمان سير العمل بشكل منظم وعادل".
وعلى الرغم من وجود بعض المناطق التي لم يتم تركيب العدادات فيها بعد، يشير أوديشو إلى أن "عمليات التركيب تُستكمل بشكل جدي في هذه الأماكن كما وتنفيذ القرارات الرسمية أيضاً، وذلك لتوفير شفافية أكبر في احتساب الاستهلاك وضمان حقوق المشتركين".
أما بالنسبة للجانب البيئي، فيوضح المنسق أن "أصحاب المولدات يعملون بشكل متواصل ومنسق مع الجهات المختصة لضمان الالتزام بالمعايير البيئية المعتمدة".
ومع ذلك، يعتبر أن "هناك تحديًا قائمًا يتعلق بهامش التسعير الذي تحدده وزارة الطاقة، حيث يعاني أصحاب المولدات من وجود فجوات ونواقص في تسعيرة الكيلوواط، تتراوح بين "سنتين" إلى ثلاثة "سنتات"، وهو أمر يؤثر على التوازن المالي لقطاع المولدات، إذ يبقى الموضوع قيد المتابعة المستمرة مع وزارة الطاقة، بهدف إيجاد حلول عادلة تضمن تلبية احتياجات المستهلكين وأصحاب المولدات على حد سواء".
ويختم: "نحن نُطالب بحقوقنا المشروعة، ونؤكد على ضرورة أن تعمل الجهات المعنية على معالجة موضوع التسعيرة بشكل منصف، لأنه من واجب الدولة أن تحفظ حقوقنا، تماماً كما نلتزم نحن بالقانون ونلبي حاجات المواطنين الذين يعتمدون علينا في ظل غياب التيار الكهربائي الرسمي. لقد أبدينا كل أشكال التعاون مع الجهات المختصة، ونأمل أن يقابَل هذا التعاون بتفهم وجدية في تلبية مطالبنا المحقة، لأن استمرارنا مرتبط بإنصافنا".
الإجراءات الشكلية لا تكفي: كيف نضمن الالتزام الفعلي بتسعيرة المولدات؟
تتفق الآراء على أنه رغم شروع عدد من أصحاب المولدات في بعض المناطق بتركيب العدادات، تجاوباً مع المذكرات الرسمية، إلا أن هذه الخطوة تظل شكلية في ظل غياب الرقابة الصارمة. فالإشكالية لا تقتصر على وجود العدادات من عدمه، بل تكمن في التحايل المستمر على القانون عبر آليات تسعير مخالفة، مثل فرض رسوم خفية أو احتساب الكيلوواط بأسعار غير واقعية.
الرقابة اليومية أساس الالتزام
استناداً إلى الوقائع الراهنة، لضمان الالتزام الفعلي، تفيد المعطيات بأنه "لا بد من تفعيل الرقابة الميدانية اليومية؛ فوجود جهاز رقابي فاعل من وزارة الاقتصاد والبلديات ومصلحة حماية المستهلك هو الشرط الأساسي لضبط المخالفات،، فالرقابة يجب ألا تكون موسمية أو رمزية، بل تعتمد آليات تفتيش، مع تدقيق في الفواتير ومدى مطابقتها للتسعيرة الرسمية المعلنة من وزارة الطاقة".
آليات محاسبة واضحة وصارمة
وبحسب ما تبيّن، يبدو أن "الرقابة وحدها لا تكفي ما لم تُدعَم بأدوات محاسبة قانونية فعالة تضمن ردع المخالفين وتحقيق العدالة. فالاكتفاء بفرض غرامات لا يُحدث الأثر المطلوب ما لم تُرافقه إجراءات أكثر جدية، تبدأ بـسحب التراخيص من أصحاب المولدات في حال تكرار المخالفات، وتصل إلى إنشاء قاعدة بيانات وطنية توثّق كل التجاوزات، وتكون متاحة للجهات الرقابية وللرأي العام بهدف تعزيز الشفافية. كما أن تفعيل منصة إلكترونية رسمية تتيح للمشتركين تقديم الشكاوى وتتبع معالجتها بشكل مباشر، يشكّل أداة أساسية لكسر الحلقة المفرغة من الاستغلال والصمت، ويحول المواطن إلى شريك فاعل في منظومة المحاسبة".
المواطن شريك في الرقابة
وبحسب المتابعة الميدانية، يتبيّن أنه "من دون مشاركة فعلية للمواطنين، تبقى أي إجراءات ناقصة، لأنه يمكن للمواطن أن يكون خط الدفاع الأول في كشف التجاوزات، شرط أن تتوافر له وسائل مضمونة للتبليغ".
الحل الجذري خارج دائرة المولدات!
في نهاية المطاف، يجب الاعتراف بأن أزمة المولدات هي نتاج فشل مزمن في قطاع الكهرباء الرسمي. وبالتالي، فإن المعالجة الحقيقية لا تكتمل إلا عبر تسريع مشاريع الطاقة المتجددة، وتشجيع مبادرات الطاقة الشمسية، وتقوية الشبكة العامة للكهرباء. فاستمرار الاعتماد على المولدات الخاصة، ولو بشكل منظم، يعني القبول بحلول مؤقتة تعيد إنتاج الأزمة بشكل دوري.