ميشال نصر - خاصّ الأفضل نيوز
فيما يُنتظر أن تشهد الساعات المقبلة جولة جديدة من المشاورات بين الدول، الساعية للتوصل إلى وقف النار في إطار جولات الاتصالات المفتوحة، المباشر منها وبالواسطة، بعدما أخفقت الجولات المتتالية، في إقناع إسرائيل بفرملة اندفاعتها نحو الحرب، عاد خيار الأمر الواقع إلى التداول بقوة، مع تكثيف إسرائيل غاراتها واغتيالاتها وبلوغ عدد الضحايا أرقاما غير مسبوقة، وسط التساؤلات عن المسار الذي سيسبق، الحوار أو الانفجار .
غير أن الساعات الماضية كشفت وفقا لتطور أحداثها الميدانية، الخطوط العريضة للاستراتيجية الإسرائيلية في هذه المرحلة والقائمة على:
-تكثيف الضربات لإجبار أهالي القرى الواقعة جنوب نهر الليطاني على مغادرتها باتجاه مناطق خارج الجنوب. إذ تحاول إسرائيل نقل المعركة إلى الداخل اللبناني، عبر خلق إشكالات وحوادث أمنية في المناطق، خصوصا في ظل وجود آلاف النازحين السوريين، رغم أن الأجهزة المعنية تمكنت حتى الساعة من ضبط الأوضاع، وحصر المشاكل التي حصلت طوال يوم وليل أمس في أطرها الفردية.
-ضرب وتدمير الطرقات التي تربط القرى والبلدات وتقاطعات الطرقات الأساسية، حيث ألحقت بها أضرارا كبيرة نتيجة قصفها بصواريخ أحدثت حفرا عميقة جدا أدت إلى وعورة البنى التحتية لها، بهدف منع الأهالي من العودة، رغم أن اللافت حتى الساعة عدم استهداف أي من الجسور الواقعة على نهر الليطاني.
-قصف مخازن سلاح حزب الله وقواعد إطلاق الصواريخ، سواء في الجنوب أو خارجه، بمهمة إرباك لعمليات الإطلاق، خصوصا في ظل أزمة الاتصالات التي لحقت بسلاح الإشارة في الحزب.
-قطع خطوط إمداد الحزب وعزل منطقة جنوب الليطاني عن البقاع وبيروت، وهو ما يمكن إدراجه ضمن الاستعدادات الاستباقية لأي عملية تقدم بري.
وتنطلق هذه الاستراتيجية من أن المعركة ضدّ حزب الله طويلة ومعقّدة، في ظل امتلاكه القدرة على المحافظة على زخم الاستنزاف، أي الحفاظ على مخزون كبير بما فيه الكفاية من الصواريخ والقذائف الصاروخية والطائرات المسيّرة، وهو ما يمتلكه بالفعل، والاستمرار في إطلاقها.
على الجهة المقابلة، ووفقا للخبراء، واضح أن حزب الله لم يتخذ قرار الحرب الشاملة بعد، إنما قرر وبناء لما صدر على لسان أمينه العام السيد حسن نصرالله، ومن بعده نائبه، الانتقال من "حرب الإسناد" إلى "حرب الاستنزاف"، في إطار "معركة الحساب المفتوح، التي تركز على:
-توسيع رقعة العمليات الإسرائيلية، مستهدفا التجمعات السكانية، دون المخاطرة بإيقاع إصابات في صفوف المستوطنين، إنما بهدف دفعهم إلى مغادرة مناطقهم وإحداث أزمة نزوح في الداخل الإسرائيلي. وبناء على ذلك تكون صواريخ حزب الله قد أجبرت 3 ملايين إسرائيلي على البقاء بالقرب من الملاجئ والأماكن المحصنة، حيث تجاوزت الرشقات الصاروخية التي أطلقت من لبنان بمدى أكثر من 110 كيلومترات، في حين تصدرت صافرات الإنذار على مدار الساعة المشهد على الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
-استهداف القواعد العسكرية الأساسية محاولا إيقاع أكبر قدر ممكن من الأضرار فيها، من خلال ضرب تجمعات القوات المنتشرة قرب الحدود لتشتيتها في ظل التعزيزات التي وصلت، وثانيا محاولة شل قاعدة القيادة والسيطرة الجوية في قاعدة ميرون، وإخراج قاعدة "رامات ديفيد" من الخدمة، بهدف تصعيب العمليات الإسرائيلية.
-الانتقال إلى مرحلة استخدام الأسلحة والصواريخ المتوسطة المدى من فادي1 إلى فادي3، والتي ستصبح السلاح الأساسي المعتمد خلال الفترة القادمة.
فعلى الرغم من الهجمات الإسرائيلية العنيفة، التي أظهرت تفوّق تل أبيب في جمع المعلومات الاستخبارية والتكنولوجيا، بينما بينت حزب الله في موقف دفاعي، يعتقد الخبراء بأنّ الصورة من المرجّح أن تنقلب في حال اندلاع حرب برية، يريدها الحزب، مع نشر ترسانته الضخمة من الصواريخ والصواريخ المضادة للدبابات والطائرات المسيّرة، في مواجهة أي تقدّم إسرائيلي، أضف إلى ذلك أن الجيش الإسرائيلي يواجه "عيوباً استراتيجيةً" في وجه حزب الله، رغم امتلاكه أسلحةً أكثر تقدّماً، بما في ذلك طائرات مقاتلة من طراز أف-35 ودفاعات جوية متعددة الطبقات.
وتابع الخبراء، بأن حزب الله لا يسعى للفوز في حرب مع إسرائيل بالمعنى التقليدي، بل إنّه يهدف بدلاً من ذلك إلى إغراق القوات الإسرائيلية في حرب استنزاف، تماماً كما فعلت حماس، فالانتصار لحارة حريك هو بمنعها إسرائيل من تحقيق أهدافها وإفشالها لخططها، وأهمها إبعاد الحزب إلى ما بعد الليطاني، الذي باتت ترى فيه تل أبيب وفقا لقادتها حدودها الشمالية. ورأى الخبراء أن الحزب يستنسخ الاستراتيجية الروسية المعتمدة في أوكرانيا، في استخدامه للصواريخ المتوسطة المدى والمسيرات لضرب القواعد العسكرية والموانئ وشبكة الكهرباء.