عبد الله قمح - خاصّ الأفضل نيوز
كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري بالأمس خلال إحياء ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر جاء واضحًا بشأن الجهة التي يقصدها بقيادة خطاب الكراهية ورعاية حفلة الشتائم التي تستهدف طائفة مؤسسة. ولو أراد بري تجاوز الدبلوماسية لسمّى الأمور بمسمياتها لكنه اكتفى بالغمز الذي يجيد!
يُستنتَج من كلام بري، أن خيار المواجهة موضوع على الطاولة. والمقصود هنا المواجهة السياسية، وهي حق مشروع لجميع المكونات. لكنه، وفي مقابل “عصا المواجهة”، قدّم “جزرة الحوار”، في تكرار لمشهدية الدعوة السابقة إلى الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية وكيفية الاستفادة من السلاح، التي جرى الاتفاق على السير بها قبل أن ينفضّ من دعا إليها يده منها.
أما دعوة بري الحالية، فيمكن وصفها بأنها “الفرصة الأخيرة” قبل الدخول في عاصفة سياسية، إذا استمر قرار رئاسة الحكومة بعدم مناقشة مصير ورقة توم براك، خصوصًا وأن لبنان لم ينل أي ثمن يُذكر لقاء إقرارها، وهو ما يضع رئيس الجمهورية جوزاف عون تحديدًا تحت الاختبار، لاسيما أنه قرن استمرار العمل بالورقة بالحصول على موافقات أخرى من الدول المعنية بها كسوريا و”إسرائيل”.
عمليًا، يشكّل الأسبوع الطالع مركز استقطاب أساسيًا في شأن الجلسة المزمع عقدها يوم الجمعة المقبل لمناقشة خطة الجيش لحصر السلاح، والتي يُفترض أن تقدّمها المؤسسة العسكرية في ذلك اليوم. حتى الآن، لا شيء واضحًا بشأن تفاصيل الخطة، لكن الواضح هو موقف بعض القوى السياسية من كيفية التعاطي معها. المؤكد أيضًا أن الجيش سيعلن استعداده لتنفيذ الخطة التي يضعها متى توفّر الغطاء السياسي اللازم، وهو ليس في وارد وضع نفسه في مواجهة أي مكوّن داخلي.
نظريًا، وبحسب تسريبات بعض الجهات الحزبية المعنية بالورقة والتي لها وزراء في الحكومة، فإن التوجّه السائد لدى الجميع يقوم على تبنّي ورقة الجيش وخطته، مع تعليق التنفيذ إلى حين تهيئة الأجواء التي تسمح للجيش بالعمل. في المقابل، هناك أطراف سياسية أخرى تدفع باتجاه أن تتبنّى رئاسة مجلس الوزراء الخطة، وأن تحدّد سقفًا زمنيًا لتنفيذها بما يتناسب مع الضغوط الأميركية.
ويبدو أن هناك مساعيَ جارية اليوم لربط قبول الورقة العسكرية بشروط ورقة توم براك. بمعنى أن التنفيذ لن يصبح ناجزًا إلا إذا مضت الدول المعنية في اتخاذ موقف واضح من الورقة التي وافق عليها لبنان. صحيح أن ذلك قد يدفع الأمور نحو مواجهة قد تصبح الدولة طرفًا فيها، لكنه من جهة أخرى ينقل النزاع من كونه لبنانيًا – لبنانيًا إلى كونه إسرائيليًا – لبنانيًا، على اعتبار أن تل أبيب هي التي تعرقل المسار، من خلال رفضها المضي بالتفاهمات التي جرت بين لبنان والولايات المتحدة عبر توم براك.
الخلاصة أن القرار اللبناني يوم الجمعة لن يكون سهلًا، وأن الفاتورة في حال لم يخرج لبنان بقرار واضح ستكون كبيرة. غير أن مقارنة بين الكلفة الداخلية والخارجية، تُظهر أن الفاتورة الخارجية قد تكون أقل كلفة من الانفجار الداخلي.