عماد مرمل - خاص الأفضل نيوز
يترقب الداخل والخارج على حد سواء خطة حصر السلاح التي ستعرضها قيادة الجيش على مجلس الوزراء الجمعة المقبل.
َوليس خافيًا أن نوعًا من شد الأعصاب وحبس الأنفاس يستبق جلسة الجمعة، باعتبار أن مسار المرحلة المقبلة يتوقف على طبيعة الخطة التي سيقترحها الجيش لتنفيذ قرار الحكومة بسحب سلاح حزب الله قبل نهاية العام.
ومن الواضح أن المؤسسة العسكرية تضع خطتها تحت ضغط اتجاهين، الأول تمثله قوى داخلية وخارجية تريد من الجيش أن يضع آلية فعالة لنزع سلاح الحزب وفق جدول زمني محدد ومن دون أي مواربة خلال الفترة الممتدة حتى كانون الأول المقبل، أما الاتجاه الثاني الذي يمثله الثنائي الشيعي وحلفاؤه، فيعوّل على حكمة اليرزة وواقعيتها للتصرف بمسؤولية وطنية وتفادي الانزلاق إلى أي مواجهة مع حزب الله وبيئته ستكون لها تداعيات وخيمة على الواقع اللبناني.
ولعل التحدي الصعب الذي يواجه الجيش يكمن في محاولة التوفيق بين اضطراره إلى الالتزام بتنفيذ قرار الحكومة، كونه يتبع في نهاية المطاف للسلطة السياسية، وبين حرصه على حماية السلم الأهلي والاستقرار الداخلي، انطلاقًا من معرفته بدقة التوازنات الداخلية وتعقيداتها.
والجيش الذي اختبر تجربة الانقسام المريرة ودفع ثمنها عامي 1975 و1984، يعلم أن تركيبته مرهفة، ولا تتحمل زجها في نزاع داخلي مع أي من المكونات اللبنانية، وبالتالي فإن دروس الماضي وعِبَره حاضرة بالتأكيد في حسابات القيادة العسكرية.
وإذا كان البعض يخشى من أن تورط السلطة السياسية الجيش في مغامرة غير محسوبة وغير مضمونة، نتيجة الخيارات التي اعتمدتها، إلا أن هناك من يلفت في المقابل إلى أن القيادة السياسية كما العسكرية لا يجب أن تندفع إلى أي مواجهة مجانية مع حزب الله بعدما رفض الكيان الإسرائيلي تنفيذ ولو خطوة صغيرة مقابل ما فعلته الدولة اللبنانية التي تقيدت بالقرار 1701 واحترمت اتفاق وقف الأعمال العدائية، وانتشرت في معظم جنوب الليطاني، وأخلته من السلاح وصولًا إلى موافقتها على الورقة الأميركية واتخاذها قرار سحب سلاح الحزب.
لكن كل ذلك قابلته تل أبيب بالتجاهل وبرفض إبداء أي مرونة قبل البدء في نزع السلاح عمليًّا، من دون أن تضغط عليها واشنطن لتليين موقفها، بل أن تصريحات الموفدين الأميركيين إلى لبنان، عكست تماهيًا مع هذا الموقف وتغطية كاملة له.
وإزاء السلبية الإسرائيلية، يعتبر الحريصون على حماية الجيش أنه لم يعد يوجد من مبرر ليواصل لبنان الرسمي تقديم التنازلات وليخاطر باحتمال تعريض المؤسسة العسكرية إلى اختبار صعب مقابل لا شيء، محذرين من أن كل طلب إسرائيلي يتم التجاوب معه، سيليه طلب آخر وهكذا دواليك، وكأن المطروح على لبنان هو صك استسلام وليس تبادل الخطوات كما سبق أن طرح توم براك نفسه.
ويشير هؤلاء إلى أنه وكما وقف الجيش على الحياد حين انطلقت التحركات الشعبية بعد انتفاضة 17 تشرين الأول عام 2019، وبعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005 مخالفًا مزاج الحكم الذي كان يميل إلى لجم الحراك الشعبي في المرتين، فإن المطلوب منه أن يفعل الأمر نفسه الآن، وأن يمتنع عن الانجرار إلى مواجهة فئة من اللبنانيين.
وبناء عليه، يؤمل في أن ينجو الجيش من "الكمين" الذي يُنصب له من قبل محرضيه على استخدام القوة في الداخل، وإلا سيكون المستقبل قاتمًا.