مفيد سرحال - خاصّ الأفضل نيوز
عربد نتنياهو في الجو قتلًا وتدميرًا وتهجيرًا وعاش نشوة الزهو والافتتان بالذات والعنجهية عقب إنجازات تكتيكية مؤلمة جارحة وقاسية أصابت جسم المقاومة، بدأت بتفجيرات الأجهزة اللاسلكية مرورا بعملية اغتيال قادة الرضوان وصولا إلى استهداف كبير أمة العرب ورمز نضالها القومي التحرري سماحة السيد حسن نصرالله.
نضب بنك الأهداف ما خلا التدمير الممنهج لمنازل المدنيين وأرزاقهم كما استعرض مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله الحاج محمد عفيف خلال جولة أعدت للإعلاميين في الضاحية الجنوبية حيث تفشت غطرسة القتل للقتل وتعمد الأذى ومحق وسحق كل شيء مدني بحجج كاذبة عن أهداف عسكرية ومخازن أسلحة... والحال انتفخت طموحات نتنياهو إلى حدود رسم خارطة شرق أوسط جديد وساقته ظنونه للاعتقاد بأن كلمته الفيصل في هذا الشأن الخطير.
نعم إنه شأن خطير يطيح بجماعات وكيانات إذا ما نجح العدو الصهيوني ببلورته واقعيا على الأرض ما يستدعي أعلى درجات الحكمة والعقلانية والتبصر في القراءة والتحليل للمنهج المعتمد والمآلات.
نزل نتنياهو وفريقه العسكري والسياسي بالمظلة من الجو إلى النزال على الأرض فكان تكسير الجوز في مارون الراس لغولاني وايغوز ،ملحمة حقيقية وبأسًا خياليًّا أسطوريًّا وعباءة السيد واقي الرصاص وروحه ملأت المكان والزمان لحظة الالتحام.
"ما ترون لا ما تسمعون" عبارة السيد عبرت إلى الساح وسط قعقعة السلاح وكان ما كان من كمائن وضربات وتسديدات شلَّْعت سرية من ضباط وجنود العدو الصهيوني بين قتيل وجريح غصت بهم المستشفيات في حيفا وصفد في أول استطلاع بالنار للعدو لاستكشاف قدرات المقاومة وجاهزيتها .
إنها البداية، والمقاومة بشوق وتوق وتلهف للمنازلة من مسافة صفر . لأنها مرمح خيلها وحرفتها حيث طحنت العدس اليهودي في العديسة وحطمت رأس الحربة في مارون الراس ما قد تدفع قادة الاحتلال العسكريين والسياسيين إلى عدم خوض غمار التوغل البري نظرا للكلفة العالية أو بالحد الأدنى التريث لاستكمال سجادة النار "المنفلشة" على الجنوب والبقاع وبيروت..
مخطط جهنمي وأسئلة لا بد من طرحها واستيلاد الأجوبة بالاستدلال والمنطق بما أن المشروع :شرق أوسط جديد ؟.
لابد من التذكير بأن إسرائيل اغتالت الرئيس الشهيد رفيق الحريري عام 2004 وأخرج الغرب الجماعي سوريا من لبنان ،فجروا سوريا من الداخل بعد انسحاب الجيش العربي السوري ،صنعوا الإرهاب لإشغال حزب الله وتحدثوا عن خطة إعادة التوجيه التي كشفها الصحافي الأميركي سيمور هيرش وتقضي بإغراق حزب الله بالصراع المذهبي الطاحن واستنزاف قدراته بوجه إسرائيل، وجاءت حرب تموز 2006 فانتصرت المقاومة وذهب مشروع كوندليزا رايس أدراج الرياح بإعادة تشكيل المنطقة ، فجَّرت إسرائيل مرفأ بيروت وأدخلت البلد في معمعان اتهامات وافتراءات وأكاذيب لتمزيق الوحدة الداخلية وشيطنة المقاومة وألغت دور لبنان الاقتصادي من خلال المرفأ مقابل تعملق مرفأ حيفا وانهارت المصارف بقرار ما وتآمر من في الداخل وبتخطيط خارجي، ومنع لبنان من إنجاز أهم شريان اقتصادي يربط بيروت بالمصنع ألا وهو نفق ضهر البيدر ومنعت الصين من إطلاق مشاريع نهضوية اقتصادية ضخمة تنقذ الاقتصاد المتهاوي ورفضت كل المشاريع الإيرانية المتعلقة بقطاعي الكهرباء والطاقة طبعا دون أثمان سيادية سياسية تفرض على لبنان.
وكشف العدو الإسرائيلي عن خطة لمهاجمة لبنان وسحق حزب الله في 11 تشرين 2023 أي قبل طوفان الأقصى بأيام معدودات.. في غزة حسم العدو الإسرائيلي قراره بعد تسوية غزة بالأرض بخصوص مشروع الدولتين وصوت الكنيست على إسقاط هذا المشروع وتمزيق الضفة الغربية أي (يهودا والسامرة) يعني شطب فكرة الدولة الوطنية الفلسطينية.
إنه التهجير والتخفف من الأثقال السكانية التي ترعب الكيان عنوان هذه الحرب المجنونة بالمجازر والمقابر والطرد المنظم وقيام يهودية الدولة الذي أقره الكنيست الإسرائيلي عام 2018 إنفاذا لرؤى نتنياهو وترجمة لأفكاره التي صاغها بكتابه عام 96 (مكان بين الأمم) وتتقاطع مع اليمين المتصاعد في الكيان المتجذرة في عقليته وعقيدته فكرة التوسع والتمدد لقيام مملكة يهوه على أرض سوريا التاريخية وتلاقيه بالتوازي أفكار ترامب المنزعج من صغر مساحة إسرائيل وضرورة توسعتها.... !!!!
وكل تلك الخرافات والأساطير عن التمهيد لعودة السيد المسيح والتي يتماهى معها حكام الغرب الجماعي ويقدمون كل أشكال الدعم للدولة العبرية لتحقيق حلم قيام مملكة يهوه..
لاستكمال التوسع بالعدوان والتهجير أدار نتنياهو وجهه باتجاه لبنان حيث عقدة الكيان ومصدر قلقه وإذلاله المتناسل على يد رجال حزب الله منذ العام 2000 ومرورا بال2006 وصولًا إلى حرب إسناد غزة في 8 تشرين التي استنزفت كل قطاعات الدولة العبرية بالنقاط كرصيد تراكمي يفضي في فترة لاحقة إلى إلحاق الهزيمة الماحقة بالكيان بعد تفريغه من وظيفته التي أنشئ لأجلها.
بنظر القادة الصهاينة لا إمكانية لقيام شرق أوسط جديد بوجود حزب الله ولا هناءة واستقرار وديمومة للدولة العبرية بوجود هامة وعمامة نصر الله ..فكان التجرؤ على إزاحة جبل اسمه السيد حسن نصرالله الذي هز إصبعه لعقود ركائز الكيان الغاصب وهشم وجه قادته وقزَّم طموحاتهم ووقف عقبة كأداء أمام مشاريع ومخططات الغرب الجماعي وعلى رأسه اميركا التي وفرت كل عدة الاغتيال الآثمة لنتنياهو من الطائرات إلى القذائف الخارقة للحصون ومعها أجهزة التعقب والتجسس والملاحقة.
وماذا بعد.. السؤال الكبير حرب إسرائيل على المقاومة إلى أين؟ طالما أن الشرق الأوسط الجديد هدف استراتيجي لدى نتنياهو.
الجواب من خلال مسارات الحرب التي تأخذ منحى خطيرًا وتكشف عن مخطط رهيب يبدأ بالتدمير الكلي للقرى والبلدات الشيعية في الجنوب والبقاع وبيروت وصولًا إلى جبيل وكسروان .
لقد اغتالت إسرائيل قائد المقاومة ورمزها والقادة الميدانيين في الرضوان وارتكبت مذبحة البايجر واللاسلكي لتصديع جسم المقاومة ماديا ومعنويا والتأثير على بيئة المقاومة المثقلة بالتهجير وتدمير الأرزاق والدم المهراق .
لقد وزعت قيادة جيش الاحتلال خريطة وسمت بها القرى الجنوبية شمال الليطاني بأسماء عبرية وعرضتها كعقارات للبيع والمسألة ليست تندرا سمجا بقدر ما هو صلف موصوف وغطرسة ولؤم استعماري ورأس جبل جليد المشروع الصهيوني للبنان وشيعة لبنان على وجه التحديد الذين يشكلون العائق الموضوعي بفعل الجغرافيا والايديولوجيا وشوكة في حلق الكيان منذ أن وضع الإمام المغيب سماحة السيد موسى الصدر أسس مشروع المقاومة تصديا لأطماع إسرائيل ومشاريعها التخريبية في لبنان والمنطقة.
إن ما تفعله آلة القتل الصهيونية من تدمير مرصود مقصود للأبنية ودفع السكان إلى مراكز اللجوء خارج مناطقها الأصلية والقتل العشوائي لمن تجرأ وبقي في منزله لا شك أنه خطب جلل وفعل مدروس يشي بمخطط ليس لإخراج الشيعة كجماعة إلى الداخل اللبناني وحسب بل مسار العدوان والاستهدافات في البيئات التي احتضنت المهجرين قسرا تعني إثارة هذه البيئات تحت عامل الخوف وتثويرها بوجه العائلات لخلق فجوة وطنية من جهة والدفع بها إلى خارج تلك البيئات أي إلى خارج لبنان كسوريا والعراق.وخلط الأوراق الديمغرافية السكانية في لبنان بوجود آلاف النازحين السوريين والعبث بالجغرافيا تمهيدًا لرسم الخرائط الجديدة.
إن تفريغ المنطقة الجنوبية بعد تهجير أهالي شبعا وكفرشوبا والهبارية من جبل الشيخ إلى البحر بعمق 8كلم أي إلى حدود الليطاني تعني وضع اليد على جبل الشيخ بصورة نهائية وهو ابو المياه كما وصفه بن غوريون الذي لا عيش لإسرائيل من دونه وسرقة مياه الليطاني المتسربة إلى البحر والثروة البحرية من غاز ونفط بعد فض نتنياهو الاتفاقية مع لبنان.
والسؤال الكبير من سيملأ هذه البقعة المحتلة هل عرب فلسطين المحتلة المطرودين خارج الكيان تكريسا لقانون يهودية الدولة؟ أم سواهم من جنسيات أخرى أم مستوطنون يهود حسب ما صرح وأعلن بن غفير وسموتريتش.
وما هو مصير دروز حاصبيا والجولان الذين باتوا متصلين بحكم الجغرافيا الفارغة مع دروز قرى جبل الشيخ السورية؟
لا شك أن تداعيات ما يجري لن تسلم منه طائفة أو مذهب أو كيان من كيانات المنطقة سواء في لبنان أو سوريا والعراق والأردن أي دول الطوق المازالت تقول لا للمشروع الصهيوني التوسعي التطبيعي ومن قال إن بقية الدول العربية ستكون بمنأى عن هذا المخطط الذي رسم خطوطه العريضة برنارد لويس كما اعد خرائطه في الثمانينات من القرن الماضي..والأفصح بوقاحته عن الخلفيات برنارد هنري ليفي عراب الربيع العربي التدميري الذي قال في هذا المجال : قد لا تتوفر فرصة على مدى جيل مثل هذه الفرصة..
باختصار شديد يا أيها اللبنانيون (تَشيَّعُوا) ليس بالمعنى الفقهي العقائدي او تغيير المذهب والطائفة ولكن بالمعنى الإنساني والوطني بحيث يشعر الدرزي والمسيحي والسني إنه شيعي بوجدانه لوأد هذا المخطط الرهيب في مهده والتخلف عن احتضان الإخوة المهجرين قسرا كما توفير الدعم بالامكانات المتاحة للمقاومة البطلة في الجنوب، يجب أن يرقى إلى فعل العبادة لأن خطر المشروع الصهيوني التوسعي لن يرحم فئة أو كيانا، والمطلوب من كل القوى الحية أحزاب وقوى في لبنان والمنطقة التحلق حول مشروع المقاومة لضرب طموحات ومشاريع نتنياهو الذي يدفع باتجاه تمزيق دول الطوق مذهبيًا وطائفيًا وتقليص جغرافيا الدول تحت هذا العنوان .
إن رجال حزب الله في الجنوب يسطرون أروع الملاحم ويدافعون ليس عن الجنوب وحسب أو عن طائفة بعينها، إنهم يدافعون عن لبنان- كل لبنان بكل أطيافه وطوائفه وعن سيادته واستقلاله ووحدة شعبه وأرضه لابل إنهم خط الدفاع الأول عن أمة العرب فهل من ناصر؟ لأن إشاحة النظر واللامبالاة واستحضار السرديات من خارج السياق ليس أوانه الآن فالعواقب دون أدنى شك وخيمة على الجميع.
هؤلاء الرجال في الحافة الأمامية هم سيف لبنان وترسه والحصن المتقدم الذي يعني سقوطه فيما يعني سقوط وطن وزوال أمة.