كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
منذ اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" اسماعيل هنية، في طهران وتأخّر الردِّ الإيراني، لم تتوقّف حملات التّضليل والتّشكيك بالجمهوريّة الإسلاميّةِ الإيرانيّة، بأنّها تخلّت عن حلفائها، إلى أن حصلت عمليّة اغتيال الأمين العام لـ "حزب الله" الشّهيد السّيد حسن نصر الله، بقصف مبنى في الضّاحيةِ الجنوبيةِ، فارتفعت أصوات المُعادين لإيران، بأنّها "باعت حزب الله"، وهي تقوم باتصالات مع أميركا، لتأمين مصالحها، ولا تهمّها مصلحة فلسطين، بل هي تتاجر بها.
هذه كانت التّصريحات والمواقف من قبل دول وقوى سياسيّة وحزبيّة، ضدَّ إيران، لخلق شرخ داخل ساحات المقاومة، فانبرى من يدّعون أنهم محلّلون وخبراء استراتيجيون، ومن على شاشات التّلفزة معروف بترويجها لأخبار مفبركة ضدَّ القيادة الإيرانيّة، حيث نجحت الحملة في مرحلة، ووصلت إلى من يصنّفون أنفسهم في خطِّ أو محورِ المقاومةِ، فشنُّوا حملة على إيران واتَّهموها بأنَّها تلعب من تحت الطّاولة مع أميركا.
هذه الحملة المأجورة والمنظَّمة، الهدف منها زعزعة الثّقة بين أطراف المقاومةِ، وفق ما كشف مسؤول إعلامي في "حزبِ اللّه"، الذي أكَّد على أنَّ إيران خسرت في استشهاد هنية ثمَّ السيد نصر الله، حليفين كبيرين، وأنَّ "الثورة الإسلامية" عندما انتصرت في إيران، كانت فلسطين قضيّتها الأساسيّة، ففتحت سفارة لها، وأقفلت سفارة "إسرائيل" فيها، وبعد ثلاث سنوات من بدء "الحكم الإسلامي" في إيران بقيادة الإمام الخميني، حصل الغزو الصهيوني للبنان صيف ١٩٨٢، فلم تتأخر "الثورة الإسلامية" التي لاقت مؤيِّدين لها في العالم العربي والإسلامي، من أن ترسل إلى لبنان مسؤولين من "الحرس الثوريِّ" لتنظيم شباب قرَّروا مقاومة الاحتلالِ الإسرائيليِّ، وكانوا موزَّعين على حركات وأحزاب، فنشأت حركة "المقاومة الإسلامية" في لبنان، بدعم إيراني، وكان مؤسُّسوها إضافة إلى السيد نصرالله كل من الشهداء: عماد مغنية ومصطفى بدر الدين وفؤاد شكر وعلي كركي وغيرهم، حيث حققت "المقاومة الإسلامية" نجاحًا، أوصلها إلى تحرير لبنان في ٢٥ أيار ٢٠٠٠، ثم في الصمود بوجه العدوانِ الإسرائيليِّ صيف ٢٠٠٦، مما وضع "حزب الله" على الخارطة الإقليمية، وباتت له توائم في فلسطين (حماس والجهاد الإسلامي) وفصائل أخرى، إضافة إلى الحشد الشعبي، بعد سقوط نظام صدام حسين في العراق، وصولًا إلى دعم الحوثيين في اليمن، والدفاع عن سوريا في المؤامرة الكونية عليها، بشنِّ حرب مدمرة لم تنجح.
هذا المحور الذي نشأ برعاية إيران، لا يمكنها أن تفرط به، لصالح البرنامج النووي الإيراني، كما روّج البعض، والذي رضخت أميركا مع خمس دول إلى عقد اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النّووي السلمي، الذي حقّقت تقدمًا به، لتوليد الطاقة، وبالاستخدام السلمي لا الحربي، كما ثبت للأمم المتحدة.
لذلك جاء الرَّدُّ الإيرانيّ على اغتيال هنية والسيد نصرالله ونائب قائد الحرس، بإطلاق نحو ٢٠٠ صاروخ بالستي على كامل مساحة الكيان الصّهيونيِّ، ولم يمض على استشهاد نصر الله خمسة أيَّام، وتسبّبت بنكسة لقادة العدوِّ، الذين ظنُّوا أن طهران لن تلجأ إلى الرَّد، الذي قامت به بعد قصف قنصليتها في دمشق خلال نيسان الماضي، فجاء الرَّدُّ الأخير ليوصل رسالة قاسية للعدوِّ الصهيونيِّ، بأنَّ جرائمه لن تمر، وأن محور المقاومةِ موحَّد، ولن يُسمح بالاستفراد في أطرافه، فدخلت أميركا على الخطّ وشغلت بوارجها، ضدَّ الصواريخ "البالستيه" الإيرانية، التي كانت المخابرات الأميركية تتوقّع أن تستخدمها طهران في ردّها، والتي حقّقت إصاباتٍ مباشرة، بالرّغم من نفي واشنطن أن تكون إيران نجحت في ردها، وتوعدتها بأنَّها ستقف مع العدوِّ الإسرائيليِّ إذا تعرَّضت إسرائيل لأيّ خطر وجوديّ.
فمع الرَّدِّ الإيرانيّ، الذي كانت طهران تخشاه لعدم توسيع الحرب، إلَّا أن نتنياهو واصل جرائمه، حتّى اغتيال السيد نصرالله واستمرار الحرب، التي يريدها مباشرة مع الجمهورية الإسلامية، التي هي "رأس الشرِّ"، كما وصفها، فلولاها لما كانت فصائل المقاومة، التي تهز أمن الكيان الصّهيونيِّ.
فالرَّدُّ الإيرانيّ أسقط كل المزاعم، بأنَّ المقاومة في لبنان متروكة، وفلسطين منسيّة.