إلياس المرّ - خاصّ الأفضل نيوز
يستعجل العالم اقتناص المكاسب السياسية من الحرب على لبنان، لأن وقائع الميدان لا تطمئن المتربصين به الشر والمنتظرين للوراثة السياسية والحصاد على ظهر الدبابة الإسرائيلية،
ليس غريبًا نموذج "حارس معراب" بتقديم خدماته مجاناً وأوراق اعتماده الخالية من أي رصيد سياسي أو ميداني، فما نتج عن مؤتمره إلا مزيدًا من التظهير للواقع والمزيد من العزلة السياسية، فجعجع والقوات، بالرغم من كل الحالة العاطفية وتأجيج الشارع والمشاعر المذهبية الغرائزية، الذي تترجم في صناديق الاقتراع، تبقى حالة معزولة مرفوضة من الحلفاء قبل الخصوم، حالة عقيمة في السياسة، دورها وظيفي تكتيكي وليس استراتيجيًّا، لا تنتج أي مفاعيل مهما كبرت أو صغرت، كونها في كلتا الحالتين حالة داخلية مخبرية لا تتفاعل مع الخارج.
ورقة بلينكن واتصال الأربعين دقيقة
عين التينة اليوم تمثل التقاطع بين الدولة والمقاومة، هو الرئيس بري المقاوم السياسي ومحور الحياة السياسية وقبلة المرجعيات الدولية، يمكن تشبيهه بالمحارب مع ربطة العنق، أو السياسي المحنك بالزيّ العسكري، في كلا الحالتين يجمع بين الدورين، المقاوم الميداني والمناضل السياسي، يتحمل الضغوطات الداخلية، من النزوح إلى الإيواء والضغوطات السياسية، إلى تلك الخارجية الدولية، لم يكن آخرها اتصال وزير الخارجية الأميركية بلينكن، لأربعين من الدقائق الحامية المثقلة بالديبلوماسية الحادة من كلا الطرفين المتساويين المتنادّين،
ورقة بلينكن
البند الأول انتخاب رئيس للجمهورية وهو في الأساس المطلب الأول للرئيس بري، من خلال تقديمه الاقتراحات لتسهيل إتمام هذا الاستحقاق، ولكن أي رئيس جمهورية لأي لبنان، رئيس على ظهر الدبابة الإسرائيلية، أم رئيس وطني يطمئن الجميع ويمنع الفتنة والحرب الداخلية في ظل هذا العدوان البربري وما خلفه في النفوس من شحن وتوتر يقابله بعض الخطاب السياسي المتطرف وبعض الإعلام العميل الشامت والشاتم،
البند الثاني، رئاسة الحكومة والتركيبة الحكومية
وهنا المطلوب غربياً إقصاء المقاومة من العمل الحكومي وهو أمر منافٍ أصلاً للمطلب الأساس غربياً، بأن ينتقل حزب الله إلى العمل السياسي حصراً مقابل التخلي عن السلاح، ففي هذا البند تنكشف النوايا بإقصاء الحزب تماما عن الميدان والسياسة معاً، ومعه ملايين من أبناء هذه البيئة وهذا المكون، والجميع يعلم من التجربة، أن إقصاء أي مكون شريك في هذا الوطن ما له من تبعات ونتائج داخلية كارثية
البند الثالث، البيان الوزاري، وأن لا يأتي على ذكر المقاومة، وهذا يعني تخلي لبنان عن حقه في مقاومة العدو بالمطلق ورفع الغطاء والشرعية عن أي وسيلة مقاومة بوجه العدو الإسرائيلي دون اتفاق أو أي تغيير بالواقع العدواني والاختلال في التوازن بين لبنان والعدو هذا يعني استباحة لبنان لأطماع العدو دون أي ضمانات
ويعني بالتوازي تغيير عقيدة الجيش باعتبار أن حق لبنان بمقاومة العدوان والاعتداءات بشتى الطرق تشمل أيضا دور الجيش وعقيدته وهي بدورها بحاجة إلى غطاء سياسي طالما استمدته من روحية البيانات الوزارية المطلوب اليوم التخلي عنها.
البند الرابع تعديل ١٧٠١
المرفرض أصلا إسرائيليًّا والتي لم تلتزم به يوماً منذ ال ٢٠٠٦، ومعها المجتمع الدولي واللذان يطالبان لبنان دائما بالتطبيق من طرف واحد، حتى هذا القرار الذي لا تحترمه إسرائيل ولا تريد تنفيذه، تطالب بتعديله لمصلحتها وتطالب لبنان بتنفيذه من جانب واحد، ولو تحت البند السابع،
نعم ١٧٠١ بلاس الذي تحدث عنه هوكستين هو اتفاق ١٧ أيار جديد يطل علينا هذه المرّة طارحاً الاستسلام والتنسيق، الاستسلام الميداني والتنسيق السياسي مقدمة لربط النزاع والتطبيع
ورقة الرئيس بري
من بند واحد ثابت لا يتزحزح يواجه الرئيس بري المثقل بالمسؤوليات الميدانية الأهلية المجتمعية والسياسية، بوجه كل من يحاول، بالضغط، بالديبلوماسية الناعمة أو الخشنة، فورقة الرئيس بري الجوابية من سطر واحد،
"وقف العدوان عن لبنان كل لبنان، انتخاب رئيس للجمهورية يحفظ الوحدة الوطنية وحكومة جامعة مهمتها الأولى إعادة الإعمار"
بين أوراق الضغط وورقة الصمود يبقى الميدان الحاكم والفيصل، ليرجح كفّة ورقة على أخرى، وعلى ما يبدو من وقائع الميدان أن استعجال الموفدين الدوليين لاقتناص المكاسب السياسية، سببه عدم اطمئنانهم لمستقبل الحرب على لبنان وعدم ضمانهم الحصول على مكاسب عسكرية تمكنهم من الحصول على المكاسب السياسية المرجوة، والوقت لصالح المقاومة التي استعادت عافيتها تدريجياً وإعادة الإمساك بزمام المبادرة، الدفاعية منها والهجومية الصاروخية وسط فشل مذهل بالقبة الحديدية الذي استدعى التدخل الفوري الأميركي لتزويد إسرائيل منظومة "ثاد" الدفاعية المتطورة، فحلول مسيرات الحزب ضيفًا ثقيلًا على مائدة العشاء في ثكنة الغولاني كان له وقع كبير وصل صداه إلى واشنطن مرورًا بكل دول المنطقة التي بدأت بمراجعة حساباتها، وبدأت بتحذير العدو من مغبّة استعمال أراضيها في المستقبل، فالأيام القادمة لا تشبه الأيام الأولى والضربات الأولى
لذلك يحاولون الحصول اليوم على ما قد لا يجرؤون على طلبه غداً.