ميشال نصر - خاص الأفضل نيوز
في موازاة غارات لا تهدأ ليلًا ونهارًا، وتوسع دائرة بيكار الاستهداف، رغم تراجع وتيرتها المؤقت، مخلّفة دمارًا هائلًا، وعداد شهداء تخطى الألفية الثانية، على وقع اشتعال الجبهة الحدودية الجنوبية، وفيما الجهود الدبلوماسية عاجزة عن تحقيق أي خرق، يستمر حـ.ـزب الله في محاولاته لاستعادة معادلة الردع، الكافية من وجهة نظره لتحقيق الانتصار على إسرائيل وكسرها، عبر ضرب مواقع استراتيجية وحساسة، كما حصل في استهداف "معسكر جولاني" بمسيرة إيرانية "نوعية" من نوع "شاهد 107"، معززة بالمتفجرات.
مصادر خبيرة، أكدت أن ما حصل يشكل تحديًا كبيرًا وصعباً، ويطرح إشكاليات كبيرة على الصعيد الإسرائيليّ، مشيرة إلى أن العملية جاءت لتؤكد على التحديات المعقدة التي يضعها حـ.ـزب الله أمام منظومات الدفاع الجوي، حيث لم تنجح إسرائيل حتى الساعة في أن تمتلك نظام اعتراض مخصصاً للتعامل مع الطائرات المسيرة التي يتم إطلاقها من لبنان وغزة وسوريا والعراق وإيران واليمن، رغم الحديث في الإعلام الإسرائيليِّ عن نجاح المنظومات الحالية في اعتراض حوالي 50% من المسيرات، رغم أن فرصة إسقاط المسيرة منخفضة أكثر من إسقاط الصواريخ. لذلك، اختار حـ.ـزب الله هذا السلاح، وهو ما يفرض على الجيش الإسرائيليّ التعامل مع هذا التحدي الإضافي.
وتابعت المصادر بأن المعلومات المتوافرة تؤكد أن الجيش الإسرائيليّ، أجرى تعديلات على أنظمة الكشف والاعتراض للقبة الحديدية، ويجري تطوير معدات إضافية ووسائل قتالية في الصناعات الأمنية، وأهمها نظام الاعتراض المعتمد على الليزر، علمًا بأن منظومة الليزر لن تكون نشطًة عمليًا قبل منتصف عام 2025، على الرغم من أنه تمت تجربتها بالفعل عدة مرات، لكن حتى ذلك الحين ستكون المشكلة الرئيسية هي اكتشاف وتتبع الطائرات من دون طيار التي تحلق على ارتفاع منخفض جدًا أثناء اختبائها في الوديان والتضاريس البارزة ثم ترتفع، ولا يوجد حتى الآن حل جيد لهذه المشكلة، وربما هذا هو سبب عدم وجود تحذير مُسبق بشأنها.
ورأت المصادر أنّ حـ.ـزب الله حقق، من خلال عمليته بإطلاقه سرب المسيّرات الانقضاضية، إنجازاً كبيراً، يفرض عدم الاستخفاف به وبقدراته، ما يشير إلى أنه استطاع التعافي على الرغم من الضربات التي تلقاها، حيث تمكن من احتوائها، منتقلًا إلى مرحلة الهجوم، عبر اعتماد استراتيجية حرب استنزاف دامية ومؤلمة، يمكن أن تمتد لفترة طويلة، مستفيدة من عامل قتال الجيش الإسرائيلي على جبهات عدّة وبشكل أساس في قطاع غزّة وجنوب لبنان، ما يجعل من الصعب عليه أن يحسم المعركة، وهذا إنجاز كبير يحسب له، وإن كان غير كاف لتحقيق انتصار على إسرائيل، في ظل الدروس المستقاة من حرب غزة، والتغيير اللاحق بالعقيدة العسكرية الإسرائيلية.
واعتبرت المصادر أن المعضلة الأساسية تكمن في قدرة حـ.ـزب الله، عبر إغراق الأجواء بالمقذوفات لإشغال أنظمة الدفاع الجوي، بأهداف "الهائية"، والتسلل لضرب الأهداف الأساسية، وهو ما تكرر في هجوم حيفا، حيث نجح المهاجمون في إشباع وتعطيل أنظمة الكشف التابعة للجيش الإسرائيلي باستخدام إطلاق وابلٍ مُختلط من الصواريخ وطائرتين من دون طيار باتجاه الجليل الغربي، حيث واصلت الطائرات المُسيرة طريقها إلى المنطقة البحرية أمام الساحل الشمالي واعترضت القبة الحديدية إحداها، فيما أرسل سلاح الجو طائرات مقاتلة ومروحيات لحقت بالطائرة الثانية لكنه تم فقدانها فجأة قبل أن تضرب القاعدة العسكرية.
وكشفت المصادر أن المسيرة المستخدمة "شاهد 107"، التي اعترف الحزب باستخدامها لأول مرة، الإيرانية الصنع، يصل مداها إلى 100 كيلومتر، ما يرجح إطلاقها من العمق اللبناني، قادرة على تغيير ارتفاعها واتجاهها بشكل متكرر، وهي مجهزة بآلية ملاحية بالقصور الذاتي بالإضافة إلى الملاحة عبر الأقمار الصناعية، ويمكنها الاستمرار في مسارها وضرب هدفها بدقة حتى لو كان هناك تشويش على نظام تحديد المواقع العالمي "GPS" بكل أنواعه، علمًا أن هناك أنظمة ملاحية فريدة عبر الأقمار الصناعية لروسيا والصين، يستخدمها الإيرانيون وحـ.ـزب الله أحياناً لتجاوز التشويش على نظام تحديد المواقع العالمي GPS المعتمد عن نظام أقمار الملاحة الأميركية، وهي معضلة ثانية يواجهها الجيش الإسرائيليّ.
وختمت المصادر بأن حـ.ـزب الله يحاول تنفيذ عمليات نوعية تسمح له بإعادة إحياء "هيبة الردع"، التي تضررت بشكل كبير، وهو أمر لن يكون من السهل حسم نتائجه في المرحلة الحالية، وفي جولات المواجهة الراهنة، ذلك أن طبيعة الرد الإسرائيليّ لم تتضح بعد، وإن كان المسؤولون في تل أبيب قد أشاروا إلى أن "لبنان كله بات هدفًا، ملمحين إلى أن جانبًا من المواجهة بات مع طهران مباشرة، التي تقود العمليات العسكرية في الجنوب اللبناني، وفقًا لتقارير استخباراتية أميركية، تحدثت عن انتقال عدد كبير من خبراء وضباط الحرس الثوري من سوريا إلى لبنان.