كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
لم يحترم العدوُّ الإسرائيليُّ قرارات الأمم المتحدة، منذ إنشاء كيانه الغاصب في فلسطين المحتلّة، في العام ١٩٤٨، وهو قام على وعد غير حقوقي من المستعمر البريطاني، الذي وعد وزير خارجيته آرثر بولفور اليهود "بوطن لهم" في فلسطين، في ٢ تشرين الثاني ١٩١٧، حيث بدأت الحركة الصهيونية التي عقدت لها مؤتمرًا في بال - سويسرا عام ١٨٩٧، لتنظيم حملات هجرة لليهود في العالم، إلى "أرض الميعاد" التي وعد إلههم يهوه "شعبه المختار" فيها، وفق أساطير ومزاعم يهودية وصهيونية لا أساس لها في الجغرافيا والتاريخ والوثائق والآثار، وأن اليهود مرُّوا بأرض كنعان وتمَّ سبيهم منها في مرحلتين بعهد ملك بابل نبوخذ نصر قبل ثلاثة آلاف سنة قبل ميلاد السيد المسيح، وفي عهد الرومان بعد ٧٠ عامًا من ميلاده، ويصف اليهود المرحلتين بالخراب الذي حلَّ بهم، وهم يتخوَّفون من حصول الخراب الثالث، الذي دخلوا فيه بحربهم الحالية التي بدأت في غزّة وامتدت إلى لبنان.
فخلال عام، لم يتمكّن العدوُّ الإسرائيليُّ من تحقيق أيِّ هدف له خلال الحربين، وهو منذ حوالي الشهر، وبعد أن وسَّع الحرب على لبنان، يحاول بعد أن أنجز تدميره للبلدات والقرى والأحياء في الجنوبِ والبقاعِ والضاحية الجنوبية، ويسعى عبر التَّدمير والتَّهجير وقبل ذلك عمليات الاغتيال وتمكَّن من الوصول إلى قادة المقاومةِ وفي مقدمهم الأمين العام لـ "حزبِ اللّه" السيد حسن نصر الله، وسبق ذلك تفجير أجهزة الاتصال مع عناصر من "حزبِ اللّه"، وأقدمت على ذلك للتمهيد لاجتياح برّي من الحدودِ في الجنوب، لإبعاد "قوات الرضوان" التابعة لـ "حزبِ اللّه" عن الحدود، إضافة إلى مقاتلين آخرين، لإقامة حزام أمنيّ يحمي المستوطناتِ في شمال فلسطين المحتلة، ويعود سكانها إليها.
ومنذ ثلاثة أسابيع، يحاول الجيش الإسرائيليّ الذي حشد ٨ فرق عسكريّة، ومنها من ألوية النّخبة، كلواء غولاني، لكنه لم يتمكّن من أن يتقدّم برِّيًّا، فتصدّت له المقاومة في أكثر من محور سواء في العديسة أو مارون الراس وبليدا...
ومع فشله في التّقدّم البرّيّ، قام العدوُّ الإسرائيليُّ بالاعتداء على "القوات الدوليّة"، لإخلاء المنطقة ويسمح للجيش الإسرائيليِّ أن يخترق الحدود من مواقعها، لكنه كان يواجه بالرّفض، فقصف المراكز المتقدِّمة، وأصاب ٨ من عناصره بجروح، ووجه رئيس حكومة العدوِّ الإسرائيليِّ بنيامين نتنياهو رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريتش، يطالبه بسحب القوات الدوليّة، لكنه لم يستجب لطلبه، وأن وجود هذه القوات يعود إلى العام ١٩٧٨ من خلال القرار ٤٢٥، ثمَّ في القرار ١٧٠١ بعد حرب تموز ٢٠٠٦، وأن وجود القوات الدوليّة، هو للتَّنسيق مع الجيش اللبناني للانتشار جنوب الليطاني، وأن تكون المنطقة خالية من السلاح، وانسحاب العدوِّ من الأراضي المحتلةِ.
فالاعتداء على القواتِ الدوليّة، حصل للمرة الأولى عام ١٩٧٨، عندما أرسلت الحكومة في عهد الرئيس الياس سركيس الجيش للانتشار في منطقة "الشريط الحدودي" إلى الرائد في الجيش اللبناني سعد حداد الذي تعامل مع العدوِّ الصهيونيِّ، وأسَّس ميليشيا تابعة للاحتلال، وكان قناعه وذراعه العسكرية، وتمَّ عزل دور القوات الدوليّة التي لم يحترم العدو الإسرائيليّ القرار الدولي التي أتى بها إلى الجنوب، وقفز فوقها في حزيران عام ١٩٨٢ عندما وسَّع العدوُّ الإسرائيليُّ احتلاله للبنان، أمام مرأى القوات الدوليّة، التي كان انتشارها في لبنان، لمنع وجود مقاومة في الجنوبِ.
فالتّحذيرات والتّهديدات والاعتداءات الإسرائيليّة على القواتِ الدوليّة، التي رفضت إخلاء مواقعها، فكشف العدوُّ الإسرائيليُّ، بأنّه لا يقيم وزنًا للقوات الدوليّة، ولا لقرارات الأمم المتحدة، والتي أصدرت المحكمة الجنائيّة الدوليّة قرارًا بوصف ما ارتكبه الاحتلال الإسرائيليّ في غزّة هو إبادة جماعيّة، وهذا ما يقوم به في لبنان.
إن أميركا هي التي تمنح العدوّ الإسرائيليّ هذه القوة برفض تطبيق القرارات الدولية، وهي كانت تلجأ إلى استخدام "الفيتو" في أي قرار يدين مجلس الأمن الدّولي العدوّ الإسرائيليّ وهذا ما أعطاه هذه الغطرسة، وممارسة الإجرام والإبادة، التي سبقته إليها الإدارة الأميركية بإبادة "الهنود الحمر" وشعوب أخرى.