ليديا أبودرغم – خاصّ الأفضل نيوز
على الرغم من أن أوروبا ليست في حالة حرب بشكل مباشر، فإنها تواجه منذ عدة سنوات تراكم المخاطر والتحديات الأمنية والاقتصادية، ومن أبرزها الحرب في أوكرانيا، والتي كانت بمثابة "نداء الاستيقاظ" الدفاعي للدول الأوروبية، وأعادت مصطلح "اقتصاد الحرب" إلى المفردات السياسية الأوروبية المتداولة، ففجأة وجدت أوروبا نفسها في حاجة إلى زيادة إنتاج الأسلحة والذخائر لدعم أوكرانيا من جانب، ولإعادة تسليح قواتها من جانب آخر، ما يتطلب زيادة كبيرة في ميزانيات جيوشها والبحث عن موارد استثنائية لميزانيات الدفاع، ما قد يدفع الحكومات الأوروبية لمواجهة ضغوط مجتمعية قد تؤدي إلى تفجير الأوضاع الداخلية، بعد تزايد الديون السيادية لدول الاتحاد بنسبة تفوق النطاقات المسموحة، ما يُنذر بمشكلة كامنة أمام التكتل الاقتصادي، وهي مشكلة ينصح البعض بمحاولة حلها واستخدام السنوات الخمس المقبلة لتقوية وتعزيز السياسات المالية قبل صعود أكبر لليمين.
الحرب الروسية -الأوكرانية مستمرة، وقد يزداد التهديد الروسي لدول أوروبية أخرى بناءً على التطورات في ساحة المعركة الأوكرانية، كما قد يزيد الرئيس القادم للولايات المتحدة الضغوط على أوروبا لإنفاق المزيد على الدفاع، وقد يقلّل أو يوقف المساعدات العسكرية لأوكرانيا، كما أنه قد لا يعترف الرئيس الأميركي الجديد بالديون الأوكرانية، التي حصلت عليها أوكرانيا من قروض المفوضية الأوروبية والتي كان آخرها قرض بقيمة 35 مليار يورو (39 مليار دولار) للمساعدة في إعادة بناء اقتصادها من الأصول الروسية المجمدة في حسابات مصرفية مقرها في أوروبا والتي فرضتها الولايات المتحدة كعقوبات على روسيا بعد إعلان حربها على أوكرانيا، إذا ما رفع العقوبات عن روسيا، وهذا بلا شك سيكون له من الآثار على ميزانيات الدفاع وغيرها من ميزانيات الدول الأوروبية لعام 2025 وما بعده.
الحرب الروسية الأوكرانية، وبرغم محدودية نطاقها الجغرافي، إلا أن لها تداعياتها المباشرة على العديد من الاقتصادات الناشئة في أقاليم العالم المختلفة، وعلى الاقتصاد العالمي وعلى الأمن الأوروبي فيما يتعلق بالاعتماد على إمدادات الطاقة من روسيا، إذ تعتمد أوروبا على 45% من استهلاكها على الغاز الروسي، وتوقف ذلك ينعكس ارتفاعاً كبيراً في الأسعار، خاصة وأن كييف أعلنت أنها لن تمدد الاتفاق مع شركة "غازبروم" الروسية، الذي تم التوصل إليه بوساطة من الاتحاد الأوروبي لعام 2019 والذي تنتهي مدته نهاية كانون الأول 2024، فيما أكد مسؤولون روس من جهتهم أنه لا مفاوضات جارية مع أوكرانيا أو الاتحاد الأوروبي، لتسدل معه واحدة من أقدم وأكبر الروابط الاقتصادية بين روسيا وأوروبا من خلال نقل الغاز، فضلًا عن تأثيرات الحرب على إعادة بناء التحالفات ومناطق النفوذ.