ليديا أبو درغم - خاص "الأفضل نيوز"
شكّل العدوان الإسرائيلي على قطر نقطة تحوّل دفعت المملكة ودول المنطقة إلى تنويع خياراتها الاستراتيجية، وسط تراجع الثقة بالولايات المتحدة في حماية دول منظمة التعاون الخليجي، التي قامت على أساس صفقة تقضي بأن تقوم واشنطن بحماية هذه الدول، مقابل تأمين إمدادات من النفط والغاز، فضلًا عن استغلال بعض ثرواتها الهيدروكربونية.
فبعد مواقف واشنطن الداعمة لـ"إسرائيل" دون تحفظ، أعلنت السعودية وباكستان عن اتفاقية دفاع مشترك وُصفت بالتاريخية، تجمع بين قوة الجيش الباكستاني والدعم المالي السعودي.
تلك الخطوة جاءت في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتعدد مراكز القوة، حيث باتت المنطقة تشهد سباقًا لبناء منظومات دفاعية جديدة وتحالفات تتجاوز الأطر التقليدية، إذ نصت الاتفاقية على أن أي اعتداء على أحد البلدين يعتبر اعتداء على كليهما، مما يعكس التزام البلدين بتعزيز أمنهما.
وأثار توقيع الاتفاقية تساؤلات عربية حول إمكانية انضمام دول عربية جديدة، كمصر التي يربطها تعاون وثيق مع دولة باكستان عسكريًا واقتصاديًا وتجاريًا، لمواجهة تحديات المنطقة، تحت مظلة نووية باكستانية، مع توسع بقعة الصراع بسبب السياسات والممارسات الإسرائيلية المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية.
وتزامن توقيع الاتفاقية مع لقاءات دبلوماسية بين السعودية وإيران، حيث استقبل ولي العهد السعودي علي لارجاني، رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني، وتبعه تبادل مكالمات بين وزيري الخارجية السعودي والإيراني حول الاتفاق الدفاعي، الذي لا يهدف للإضرار بأي طرف، بل لتعزيز الردع الإقليمي وحماية مصالح الدول المشاركة، خصوصًا في مواجهة التحديات الإسرائيلية، في وقت تمتلك فيه المملكة قدرات عسكرية واقتصادية كبيرة، وشركاء استراتيجيين عالميين مثل الصين وروسيا، ما يمنح التحالف بعدًا استراتيجيًا قويًا.
هذه الاتفاقية الاستراتيجية، إلى جانب التنسيق العسكري والدبلوماسي الإقليمي، يمكن أن تؤرّخ لتحول كبير في ميزان القوى الإقليمي مع صعود التعددية القطبية، وأن من شأنها كذلك أن تقلب حسابات "إسرائيل" الاستراتيجية رأسًا على عقب، مع تعزيز مفهوم "الناتو الإسلامي" الذي لم يعد مجرد فكرة نظرية، بل خطوة محتملة نحو كتلة استراتيجية ذات قدرة ردع متزايدة على المسرح الدولي، لا تهدف إلى القطيعة مع العالم، بل إلى بناء شراكات أكثر عدلًا، تنقل الدول الإسلامية من موقع المتأثر إلى موقع المؤثر، وهو مشروع يوازن بين الانفتاح على العالم والحفاظ على المصالح الاستراتيجية المشتركة، ويعزز قدرة العالم الإسلامي على مواجهة التَّحديات الاقتصادية والجيواستراتيجية، ويلعب دورًا مهمًّا في إعادة تشكيل التوازن العسكري والجيوسياسي في المنطقة.