عبدالله قمح - خاصّ الأفضل نيوز
شرع العدو الإسرائيلي القيام بعمليات نسف وتدمير لمئات المنازل في مجموعة من القرى الحدودية المعروفة باسم "قرى الحافة". جزء من هذه القرى بات يُسيطر عليها بالنار نتيجة قربها الشديد من الحدود، والقسم الباقي استطاع العدو دخول أطرافها حيث تقع بمحاذاة الجدار العازل من خلال قوات خاصة، حيث بادر إلى تنفيذ عمليات قتالية ما لبث أن انسحب منها بعدما خلف دماراً واسعاً نتاج النسف والتدمير.
الأسلوب الجديد – القديم الذي يستخدمه العدو، يرمي، بحسب ما هو واضح، جعل القرى الأمامية أماكن غير قابلة للعيش لاحقاً، ودفع سكانها إلى البقاء خارجها. ورغم توفر نية أو رغبة للعدو لاحتلال المناطق، لكنه الآن وعلى ما يبدو، يجسد حالة من الاحتلال غير المباشر لها من خلال إبقائها معدومة الحياة، ما يوفر له بسط سيطرة أمنية عليها في مشروع أشبه بالوضع الراهن في الضفة الغربية.
يرمي العدو إلى وضع هذه القرى بنداً على طاولة المفاوضات، بحيث أن إعادة السكان إليها، فيما بعد عندما تصبح ظروف التسوية متوفرة، ومن ثم إعادة بنائها، يجب أن يترافق مع ضمانات مكتوبة لعودة سكان مستوطنات شمال فلسطين المحتلة. بحيث تطبق نظرية عودة مهجر – مقابل عودة مهجر.
يريى العدو أيضاً تكريس مفاهيم مختلفة. بحيث أن التدمير الممنهج الذي يقوم به، يهدف إلى إزالة ما يسميه "خطر وجود حزب الله"، أو عملياً القضاء على ما يسميه هو "البنية التحتية" التي بناها حزب الله وتخدم أهدافه العسكرية. تدمير القرى الأمامية أو واجهة القرى الأمامية أو مواقع محددة داخل القرى بهذا الشكل، يريد من خلاله تكريس مفاهيم لها علاقة بإعادة البناء من خارج تصورات بنى حزب الله التحتية، ويستخدم العدو في تسويق ذلك ما يسمى "إعادة بناء نظيف للقرى".
ثمة خشية حقيقة تسود الداخل اللبناني من احتمال أن يكون العدو يريد تكريس منطقة عازلة أو آمنة، من شأنها أن تضمن شريطاً فارعاً يقع بين الأراضي اللبنانية والمستعمرات، ويكون منطقة منزوعة السلاح اشبه بالمنطقة المجاورة للحدود ما بين الكوريتين. وبالتالي، تصبح مسألة عودة النازحين إلى هذه القرى شبه مستحلية، وتلقى المهمة على الدولة اللبنانية أو ما يسمى "الدول المانحة" إيجاد بديل واقعي لهؤلاء السكان.
عملياً المعروف عن ابن جنوب لبنان تعليقه بأرضه، بما يزيل أي احتمال لقبوله التخلي عن أرضه أو عن جزء منها. هذا ينسحب بالتالي على حزب الله، الذي أعلن وأبدى، مرة وثانية وثالثة، استعداده للقتال طويلاً، وعدم السماح بتحويل أي جزء من المنطقة الحدودية إلى أجزاء محتلة تحت أي مسمى. وبالتالي يبقى الميدان هو الأساس في إسقاط هذا المخطط الإسرائيلي واضح المعالم.