ليديا أبودرغم – خاص الأفضل نيوز
تعمل حكومة الكيان على الاستمرار بالحرب على غزة ولبنان، لأنها تعاني من نقص حاد في الثقة، داخلياً ودولياً، ما قد يؤدي الى كارثة أمنية جديدة خاصة وأنه لم يسبق أن يقوم رئيس وزراء إسرائيلي في ذروة حرب متعددة الجبهات بإقالة وزير دفاعه (يوآف غالانت) بسبب معارضته محاولات نتنياهو تمرير قانون تمويل التهرب من التجنيد لأسباب سياسية بحتة، مروراً بإصراره على التوصل إلى صفقة تبادل، ووصولاً إلى دعوته إلى تشكيل لجنة تحقيق حكومية في أحداث السابع من أكتوبر.
ومن جهة أخرى، يسعى اليمين الإسرائيلي إلى استغلال الحرب الدائرة في غزة ولبنان لفرض قوانين كان قد تمّ رفضها في السابق، وهو ما يخشاه العديد من الإسرائيليين من أن يكون مصير "إسرائيل" كمصير الممالك التي أسسها اليهود في التاريخ، الذي يظل خطراً حاضراً على الدوام في الوعي المجتمعي الإسرائيلي، ما قد يعمق الانقسام الداخلي ويجعل مسألة الاحتراب الداخلي مسألة وقت فحسب.
بعد الحرب، ستعود الانقسامات الداخلية في الكيان أكبر مما كانت، وقد تؤدي فعلاً إلى احتراب إسرائيلي داخلي في ظل سعي اليمين لتحويل "إسرائيل" إلى "دولة توتاليتارية" يمينية متطرفة، خصوصاً إذا ما عانى الاقتصاد الإسرائيلي من أزمات حادة، وهو أمر متوقع بشدة بعد الحرب.
ما سبق يدفع عدداً من الباحثين الإسرائيليين إلى التنبيه إلى أن الفلسطينيين واللبنانيين وحتى إيران ليسوا التهديد الحقيقي لـ"إسرائيل"، بل إن الانقسام والاستقطاب داخل المجتمع الإسرائيلي، ونمو اليمين المتطرف الذي يشكل تهديداً وخطورة أكبر على مستقبل المشروع الصهيوني في "إسرائيل".
لذلك، يبذل رئيس حكومة العدو نتنياهو جهدًا كبيرًا ليحافظ على ائتلافه الحكومي أطول فترة ممكنة، عبر تأجيل المشاكل التي يواجهها ائتلافه بذريعة استمرار الحرب، وفي مقدّمها الفشل في 7 أكتوبر، والإخفاق في تحقيق أهداف حرب الإبادة على الفلسطينيين في غزة، والقضاء على أذرع المقاومة في المنطقة، وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، وتوتر العلاقات مع الإدارة الأميركية، وازدياد الاحتجاجات الشعبية، وتوتر العلاقات بين نتنياهو والمؤسسة العسكرية والأمنية، إلا أن قرار المحكمة العليا إلزام حكومة نتنياهو بسنّ قانون تجنيد الحريديم وفق المعايير التي حددتها، وقرارها بوقف دفع المخصصات للمعاهد الدينية التي لا يخدم طلّابها في الجيش، زاد من عمق التحديات التي يواجهها ائتلاف نتنياهو الحكومي، ما قد يعمق الأزمة داخلياً والتي ستنعكس بالتالي دولياً وإقليمياً ما قد يفرض على الكيان وقف الحرب وفق شروط المقاومة لأن الميدان سيكون هو الكلمة الفصل.