كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
يُخادع رئيس حكومة العدوِّ الإسرائيليِّ بنيامين نتنياهو، ومعه الإدارة الأميركية الراحلة برئاسة جو بايدن، الذي ومنذ حرب الإبادة الجماعية الإسرائيليّة على غزّة، وهو يعلن عن سعيه لوقف الحرب التّدميريّة عليها، لكنه لم يفعل، لا بل سبق له وأعلن في تموز الماضي، عن مبادرة لوقف الحرب التي استوحاها من أفكار قدَّمها له نتنياهو، فوافقت عليها حركة "حماس"، إلَّا أنّ العدوَّ الإسرائيليَّ تنصَّل منها، وخدع قادته وشعبهم كما الرأي العالمي.
وهذا ما حصل مع لبنان، وقبل الحرب الإسرائيليّة الواسعة عليه، حيث اتفقت أميركا وفرنسا على وقف الحرب في غزَّة عملاً بقرار مجلس الأمن الدولي٢٧٥٣ وأن تقوم هدنة في لبنان لمدة ٢١ يومًا، يبدأ خلالها البحث في آلية تنفيذ القرار ١٧٠١، فوافق لبنان على البيان المشترك الأميركي - الفرنسي الذي صاغه كلّ من الرَّئيس بايدن والرئيس الفرنسي مانويل ماكرون وأيَّدته دول عدة، إلَّا أن نتنياهو لم يلتزم بتنفيذ البيان، بل ذهب إلى عمليات تفجير أجهزة اتصالات يحملها مسؤولون وعناصر في "حزب اللَّه " في ١٧ و ١٨ أيلول، ليُغتال فيما بعد في ٢٧ أيلول الأمين العام "لحزب اللَّه" السيد الشَّهيد حسن نصراللَّه، وبعد أن تأكَّد نتنياهو من استشهاد السَّيد نصراللَّه، أعطى قراره ببدء الحرب على لبنان، للقضاء على "حزب اللَّه" وإبعاده وقواته شمال الليطاني وإعادة سكان المستوطنات في شمال فلسطين المحتلّة إليها.
لكن بعد ٤٠ يوماً من الحرب، لم يحقِّق العدوُّ الإسرائيليُّ أهدافه، لكنه يدّعي بأنَّه قضى على ٧٠٪ من قدرة "حزب اللَّه" العسكرية ودخل إلى أنفاقه، ولم يعد موجودًا على الحافّة الأماميّة، وخرج رئيس الأركان في الجيش الإسرائيليّ هيرسي هاليفي، ليعلن انتهاء العمليّة البرِّيّة، التي لم يتقدَّم فيها سوى ٢ كلم، وفي بعض البلدات، وكان يتراجع عنها تحت ضربات المقاومة، التي ما زالت تطلق الصواريخ على المقرّات العسكريّة والمنشآت الحيويّة والمستوطنات الصُّهيونيّة، في وقت يخرج نتنياهو ليعلن اغنه هزم "حزب اللَّه"، وهو ما أبلغه إلى الإدارة الأميركية وموفدها آموس هوكشتاين، وحمله منذ ثلاثة أسابيع شروطه لوقف الحرب التي تقوم على انسحاب كامل "لحزب اللَّه" من جنوب الليطاني، وتسليم المنطقة إلى الجيش اللبناني الذي عليه تدمير ما تبقَّى من بنية تحتيّةٍ عسكريّةٍ "لحزب اللَّه"، إضافة إلى حصول العدوِّ الإسرائيليِّ على ضمانات منها اشتراك دول كأميركا في مراقبة تنفيذ القرار ١٧٠١ الذي ستدخل عليه تعديلات، وأن يطبّق القرار ١٥٥٩ الذي ورد فيه نزع سلاح الميليشيات "حزب اللَّه" والقرار ١٦٨٠ الذي يراقب الحدود التي يطالب العدوُّ الإسرائيليُّ ببند يؤكِّد على التزام سوريا بوقف عبور الأسلحة منها إلى "حزب الله"، وهو قام بقصف المعابر بين سوريا ولبنان، وقطع الطَّريق عليها، كي يتوقَّف مرور السِّلاح إلى "حزب الله".
هذه العناوين - الشّروط، هي التي تسلَّمها هوكشتاين في آخر زيارة له إلى الكيان الصُّهيوني، ولم يمر منه إلى لبنان، الذي يعلم الموفد الرِّئاسي الأميركي، أنه لن يوافق عليها، فأعلن الأمين العام "لحزب اللَّه" الجديد الشيخ نعيم قاسم بأنَّ "حزب اللَّه" فوَّض الرئيس نبيه برِّي بالمفاوضات كما في أثناء حرب صيف ٢٠٠٦، وهو المقاوم السّياسيُّ الذي لا يمكن له أن يقبل بشروط يستسلم فيها لبنان، وتنتهي المقاومة فيه.
"فحزب اللَّه" لم يتلقَّ مقترحات أو مسودَّات حول حلٍّ سياسيٍّ لوقف الحرب، فتؤكِّد مصادره، بأنَّ الميدان العسكريَّ هو مكان المفاوضات بيننا وبين العدوِّ الإسرائيليِّ، الذي لن يحصل في السّياسة على ما لم يتمكّن من تحقيقه في العمل العسكريِّ، وهو يستجدي الحلَّ لأنه مهزوم على الأرض، والمقاومة تؤلمه جدًّا وكثيرًا، ولن تتوقَّف الحرب بشروطه بل بما تريده المقاومة.