عماد مرمل - خاصّ الأفضل نيوز
حملت زيارة أحد ممثلي حزب الله في حكومة تصريف الأعمال، وزير العمل مصطفى بيرم إلى جنيف أخيرا، دلالات ومؤشرات سياسية هامة ربطا بمحتواها وتوقيتها.
وقد هدفت الزيارة في الأساس، وبتكليف رسمي من الحكومة، إلى رفع شكوى رسمية لدى منظمة العمل الدولية جراء جريمة الحرب التي ارتكبها العدو الإسرائيلي عبر تفجيرات البيجر واللاسلكي وتسببت بوقوع آلاف الإصابات، وكان من بين ضحاياها عمال وأصحاب عمل أصيبوا أثناء تواجدهم في مواقع عملهم، ما يشكل انتهاكاً للاتفاقيات الدولية التي تكفل حمايتهم وتأمين بيئة عمل آمنة لهم.
وتمثلت أهمية الزيارة في تحريك "جبهة قانونية" ضد الكيان الإسرائيلي في قلب أوروبا وعدم ترك جريمته تمر بلا محاولة لمحاسبته، إضافة إلى أن وجود وزبر الحزب في جنيف بالترافق مع استمرار العدوان الإسرائيلي، سمح له بفتح نوافذ دولية وعربية للدفاع عن الحق اللبناني وشرح ارتكابات الاحتلال المنافية لكل الأعراف والقوانين الدولية.
وأكدت أوساط وزير العمل أن حراكه المكثف في جنيف ساهم في تظهير صورة جديدة للوجه السياسي للمقاومة عبر كسر أي حصار مفترض أو يراد فرضه، واستغلال الفرصة لإسماع الوسط الدبلوماسي في أهم مركز عالمي منطق المقاومة وحججها بطريقة تتناسب مع خصوصية المكان والزمان، وتلحظ استخدام مصطلحات دقيقة تتوافق مع الشرعية الدولية بعد تطويعها لمصلحة القضية.
وتُلفت الأوساط إلى أنه جرى خلال اجتماعات بيرم وأنشطته في جنيف تكريس مصطلح المقاومة بصيغة "مقاومة الشعب اللبناني" وإدماجها بمنطق الدولة، بطريقة تم قبولها واستساغتها بشكل ملموس.
وعُلم أن بيرم التقى سفراء ودبلوماسيين يمثلون سوريا، فلسطين، العراق، الأردن، مصر، الجزائر، تونس، المغرب، موريتانيا، سلطنة عمان، ليبيا، قطر، المغرب، إيران، باكستان، تركيا، آذربيجان، بتغلادش ماليزيا، أندونيسيا، وسفراء دول أفريقية إضافة إلى ووزير العمل العراقي الذي يترأس مجلس إدارة منظمة العمل العربية في دورتها الحالية، وممثل الجامعة العربية وسفير منظمة مؤتمر التعاون الإسلامي في جنيف، ومدير عام منظمة العمل الدولية ومديرتها الإقليمية في المنطقة العربية.
وقد طالب بيرم في سياق الشكوى المرفوعة بمحاسبة المجرمين ومنع تكريس هذا الأسلوب الخطير في النزاعات الدولية والحروب، لأن من شأنه أن يؤدي إلى كوارث إنسانية، ويضر بالثقة في الصناعات العالمية والتبادلات التجارية.
وأكد ضرورة منع تحويل الأجهزة المدنية ذات الطابع التقني إلى عبوات ناسفة متنقلة تهدد الأمان الإنساني.
ومن المفارقات التي رافقت مهمة الوزبر أن التجاذبات والنكايات كادت تعطل لقاء بينه وبين أحد عشر سفيرًا لدولٍ عربية، إذ إن بعض السفراء العرب حاولوا إلغاء اللقاء لحسابات تتصل بهم، ما ولّد استياء لدى عدد من المدعوين وفي صفوف البعثة اللبنانية التي أصرت على حصول الاجتماع وبالغالب أجهضت مسعى كان يرمي إلى إظهار بيرم ومن يمثل معزولا.
وخلال هذا الاجتماع قدم بيرم عرضاً مفصلاً للأوضاع في لبنان، وفنّد موقف الحكومة الذي ينادي بأولوية وقف إطلاق النار وتطبيق القرار الدولي 1701 من دون أي تعديل. كذلك، شرح واقع الميدان العسكري مؤكدا أن اليد العليا فيه أصبحت لمقاومة الشعب اللبناني التي تقاتل وفق الأصول المعترف بها في الحروب عكس العدو الذي تحول نحو القتل الصرف.
وقد أكد سفراء الدول المشاركة توافقهم مع ما عرضه بيرم، داعين إلى وقف إطلاق النار في غزة ولبنان، ومطالبين المجتمع الدولي ومجلس الأمن بتطبيق القرارات الدولية بعدالة وإنهاء الاستثناء التاريخي لإسرائيل في عدم الامتثال لها ومعالجة أساس المشكلات في منطقتنا وأولها وقف العدوان والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين ولأجزاء من دول عربية أخرى.
وخلال لقائه مع سفراء منظمة التعاون الإسلامي شدد بيرم على أن المعركة التي نخوضها هي ذات بعد أخلاقي وإنساني نحاول أن نستنهض فيها الضمير الإنساني الذي يخضع إلى حالة من الغيبوبة أمام الإبادة المستمرة في غزة ولبنان.
وأشار إلى أنه في وقت تلتزم حكومة لبنان بالقرارات الدولية والشرعية الأممية فإن العدو يتوجه إلى الأمين العام للأمم المتحدة بأنه شخص غير مرغوب فيه، وهذه سابقة لم تحصل في التاريخ ولا يضاهيها سوى الغدر الإجرامي الذي قام به رئيس وزراء العدو من خلال اتخاذه قرار الاغتيال الغادر الذي أصدره من داخل أروقة الأمم المتحدة بينما كان العالم على موعد مع توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان، مع ضمانات من دول كبرى ذهبت أدراج الريح على وقع قصف ٨٣ طنًّا من المتفجرات لاغتيال رمز المقاومة اللبنانية السيد حسن نصر الله وآخرين وتدمير سبعة أبنية وتسويتها بالأرض.
وقد خرج بيرم من هذه الجلسة بانطباع يفيد بأن "مواقف الدول الإسلامية عموما هي أفضل وأكثر تقدما من غالبية العرب إلا من رحم ربي."