كريستال النوّار - خاصّ الأفضل نيوز
بعد الاستهدافات المُتكرّرة للفرق الصحيّة، انتشر تحذيرٌ للطواقم الطبيّة بضرورة العمل بمجموعاتٍ صغيرة ومحدودة مع تجنّب النمطيّة في التحرّكات واعتماد خططٍ بديلة للتواصل بالإضافة إلى عدم استخدام الهاتف وتركه في مكان بعيد. وللنّازحين، يُتداول بنصائح مثل تقليل عدد الأجهزة الالكترونيّة داخل المنزل الواحد وإطفاء الـ GPS مع اختيار شخص واحد مسؤول عن التواصل الخارجي وتفادي مُشاركة أيّ تفاصيل على الهاتف مع اختصار المُكالمات.
وانطلاقاً من استخدام إسرائيل العديد من الأنظمة التكنولوجيّة بحربها في لبنان، ما هو نظام Gospel الذي يُحكى عنه أخيراً؟
يُشير المحلّل العسكري العميد المتقاعد سعيد القزح إلى أنّ Gospel هو نظام يستعمل الذكاء الاصطناعي طوّرته الوحدة 8200 أحد أذرع الاستخبارات الإسرائيليّة في السنوات القليلة الماضية. ويتمكّن هذا النّظام من اختيار ومعالجة الأهداف بسرعة كبيرة مقارنةً مع العنصر البشري، إذ يُمكّن المشغّل من التعرّف على المسلّحين والمعدّات، ويعتبر العدو الاسرائيلي أنّه بهذه الطّريقة يُقلّل الخسائر في صفوف المدنيين. ويلفت في حديثٍ لموقع "الأفضل نيوز"، إلى أنّ Gospel ليس النّظام الوحيد الذي تستخدمه إسرائيل بينما هناك أنظمة عدّة للتعرّف على الأهداف ومعالجتها.
وفي ما يتعلّق بالقانون الذي تتجاهله إسرائيل، ماذا عن استهداف الفرق الصحية والنازحين؟ يوضح العميد القزح: "في القانون، الفرق الطبية من فرق إسعاف ومستشفيات تُسمّى الأعيان الطبية والإنسانيّة، والأماكن الخاصة بالمدنيين وبالتراث العالمي كالكنائس والمتاحف والقلاع تُسمّى الأعيان الثقافية والدينية. كلّ هذه الأعيان يمنع القانون استهدافها وهي محميّة بموجب القانون الدولي الانساني. ولكن هذا القانون أي اتفاقات جنيف الـ 4 للعام 1949 والملحقين التابعين لها، حدّدوا حالات لسقوط الحماية عن الأعيان الطبية وسيارات الإسعاف. عموماً، هي تتمتّع بحماية خاصة وهذه الحماية تهدف لضمان وصول الرعاية الطبية للمحتاجين في مناطق النزاع. ولكن هناك حالات تؤدّي إلى فقدان هذه الحماية ومنها استخدام الأعيان الطبية لأغراض عسكريّة، كاستخدام المستشفيات أو سيارات الإسعاف لتخزين الأسلحة أو نقل المُقاتلين فتفقد حمايتها بموجب القانون. وهنا أتكلّم بالقانون وليس بالعواطف".
ويُتابع: "بالمقابل، أيّ شنّ لهجمات مباشرة على الأعيان الطبية أو الثقافية أو الدينية أو التاريخية كالقلاع والأماكن الأثرية المُدرجة على لائحة الأونيسكو مثل قلعة بعلبك وقلعة صور.. أي هجوم على هذه الأعيان خصوصاً الطبية، إذا كان متعمّداً يُشكّل انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني ويفرض مُحاكمة القائمين بهذا الانتهاك والتابعين لهم أمام المحكمة الجنائية الدولية"، مضيفاً: "انتهاك قصف المدنيين أو قصف سيارات الإسعاف والمستشفيات والأعيان الطبية، إن لم تكن تُستعمل لأغراض عسكريّة تُعدّ جريمة حرب، وتؤدّي إلى محاكمة المسؤولين عن إعطاء الأوامر والتنفيذ، أمام المحكمة الجنائية الدولية. هنا، يتحجّج العدو الإسرائيلي بأنّ سيارات الإسعاف تنقل مسلّحين، وهذا برأيي فقط لتبرير استهداف سيارات الإسعاف والمدنيين. واستهداف المدنيين في منازلهم حتّى لو كان هناك أيّ مطلوب للعدو بمنظوره، أو مسلّح، هذا يُعدّ انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني وجريمة حرب".
بالإضافة إلى ذلك، يُشدّد العميد القزح على أنّ "تفاصيل عدّة حدثت تُشكّل جريمة حرب، وفي أول دقيقة من تفجيرات البيجر قلتُ إنها جريمة ضدّ الإنسانية أقدمت عليها قوات العدو الاسرائيلي، لأنه حتى لو كان حاملو البيجر مقاتلين من حزب الله، ولكنهم خارج المعركة وفي منازلهم وبين المدنيين، لا يحق للعدو استهدافهم. وحتى في اتفاقات جنيف الـ 4 والقانون الدولي الإنساني، هناك ضمانة للمقاتل إن ترك سلاحه أو استسلم أو أصبح جريحاً، يحقّ له الحصول على الحماية والرعاية الطبية وممنوع إطلاق النار عليه".
أمّا في ما يتعلّق بالوضع العسكري الحالي على الأرض، فيرى العميد القزح أنّ "العدو الإسرائيلي تقدّم إلى القرى والتلال المشرفة على المستوطنات الاسرائيلية، أزال خطر إطلاق الأسلحة المباشرة والمضادة للدروع على المستوطنات في شمال فلسطين المحتلة، وأبعد المقاتلين وأزال خطر الرماية المباشرة... كلّ التلال والقرى التي تُعدّ أعلى من المستوطنات وممكن أن يستعملها المقاتلون من أجل إطلاق النار المباشر، أُبيدت وأحرقت وفُجرت، فخّخ العدو منازلها وكلّ الأنفاق والمخازن الموجودة تحت الأرض. وهذا يُظهر أنّ العدو يتحرّك بكلّ حرية وراحة في هذه القرى من دون مقاومة في قلب هذه القرى. القتال في أماكن أخرى، ولكن القرى التي تفجّر وتدمّر، دخل إليها وأبعد خطر الأسلحة المباشرة عنها، لأنّها أصبحت غير صالحة للسكن ومُراقَبة من قبل العدو".
كما لفت إلى أنّه "بالنسبة للعدو الإسرائيلي، الساحتان اللبنانية والسورية ساحة واحدة. السورية تُعتبر البقعة اللوجستية الخلفية لحزب الله التي يستعملها لجلب الأسلحة والذخيرة من إيران وفيها مصانع لتصنيع وتجميع المسيّرات والصواريخ مثل مصياف. بالنسبة للبنان، أينما وُجد الهدف يستهدفه لو كان لوجستياً ومخازن ذخيرة أو عناصر بشرية أو قيادات من حزب الله، حتى لو ارتكب مجازر فلا مشكلة لديه، ولا رادع لا أخلاقي ولا ديني ولا قانوني ولا يخشى أي محاسبة. ونرى يوميًّا المجازر التي تحصل إن كان في عكار أو في علمات والكنيسة وبرجا وأوتوستراد جونية وعاريا ومناطق أخرى... يُمكن استهداف كلّ لبنان بغضّ النظر عن مكان وجود الهدف حتّى لو كان في قلب المناطق التي تُعتبر خصماً لحزب الله".
إذاً لا مناطق آمنة، فالخطر يُلاحقنا أينما حللنا. يبقى السؤال الأهمّ "إلى متى ستستمرّ هذه الحرب وهذه الوحشيّة والدّمار؟".