ميشال نصر - خاصّ الأفضل نيوز
استنادا إلى وتيرة التصعيد العسكري الميداني، من الحدود وفي اتجاه الداخل، مع ارتفاع منسوب الغارات التدميرية التي تستهدف الضاحية الجنوبية في شكل خاص، وعمليات التصفية المتفرقة، الموزعة بين المناطق، حاصدة عشرات الضحايا والجرحى، ينطبق المثل القائل عند الحديث عن قرب وقف إطلاق النار، "اسمع تفرح جرب تحزن "،على وقع "إبر المورفين الهزكشتينية"، خصوصًا في ظل اللهجة المرتفعة لأطراف الصراع كما للوسطاء وإن اختلفت النبرة، في الطريق نحو تكريس منتصر وخاسر في هذه الحرب، خلافًا لكل الجولات السابقة.
فإسرائيل التي تلعب دور الخائفة من احتمال اتخاذ مجلس الأمن قرارًا بحظر تصدير الأسلحة إليها، عملت خلال الساعات الماضية على تسريب أجواء إيجابية عن قرب التوصل لوقف لإطلاق النار على جبهتها الشمالية، وفقًا لشروطها، رغم أن إجراءات كثيرة سبق واتخذت ضدها، إلا أن خوفها المبرر تاريخيا،هذه المرة تحديدًا من مبادرة الإدارة الديمقراطية الى الانتقام، وعدم استخدامها حق النقض، حيث ثمة سابقة في هذا المجال، إذ في نهاية عام 2016 امتنعت واشنطن عن استخدام حق النقض فيما خص قرار صدر حينها عن مجلس الأمن حول الاستيطان، وذلك في نهاية عهد أوباما.
أمر دفع بإسرائيل، وفق لأوساط سياسية إلى اللعب على الحبلين، حيث عمدت إلى إدخال موسكو على خط الأزمة، من "شباك" سلاح حزب الله، حيث كانت الزيارة السرية لوزير الشؤون الاستراتيجية رون ديربر الى روسيا، لبحث الدور الذي يمكن أن تلعبه الأخيرة على صعيد إقفال ومراقبة الحدود الشمالية والشرقية للبنان مع سوريا، لمنع وصول الأسلحة إلى حزب الله، استتبع بزيارة قام بها وفد روسي إلى تل أبيب حيث أجرى سلسلة من اللقاءات بقيت بعيدًا عن الإعلام، حيث تم تداول معلومات عن زيارة سرية قام بها الرئيس السوري بشار الأسد إلى موسكو لبحث هذا الملف.
وتشير الأوساط إلى أن التقدم الذي تحقق على الصعيد الروسي، دفع بأطراف إسرائيلية أساسية الى اعتبار أن الوقت مناسب لتوجيه ضربة قوية لحزب الله على الرغم من الضغط المحلي والدولي، ما جعل قرار استمرار القتال على الجبهة الشمالية مطروح على المستوى السياسي والعسكري بقوة، في ظل رفض الجانب اللبناني وتحديدا الحكومة اللبنانية، لبنود "الوثيقة الأميركية" التي تضمن حرية التحركات لتل أبيب في حالة انتهاك الاتفاق، من ضمن مجموعة نقاط أخرى تتضمن مهلة 60 يومًا من تاريخ وقف النار، يبقى خلالها الجيش الإسرائيلي في المناطق التي توغل فيها داخل الأراضي اللبنانية، إلى حين انتشار الجيش اللبناني وبدء تنفيذ عملية تدمير البنية العسكرية التحتية للحزب جنوب الليطاني، والتي سيكون تنفيذ الاتفاق تحت رقابة لجنة دولية مشتركة بقيادة أميركية، كاملة الصلاحية.
من جهتها مصادر دبلوماسية أميركية مواكبة للاتصالات، والتي نفت أن تكون موسكو شريكة أو يمكن أن يكون لها أي دور في الحل، رأت أن مقترح الوسيط الأميركي أموس هوكشتاين المسرب والرسالة الجانبية وجميع المعلومات المتعلقة بذلك، لا زالت تشكل أساسا يمكن البناء عليه، شرط أن تكون الحكومة اللبنانية وأجهزتها المعنية قد اتخذت قرارها بوقف التغطية والتعاون والتنسيق مع الحزب، والقيام بما عليهم من مهام والتزامات، بما فيها التحرك الاستباقي، "فالآلية التي تحدث عنها هوكشتاين هي نوع من "مراقبة المراقبين"، التي هي بحسب المصطلحات الأميركية، "مجموعة تقوم باتخاذ القرارات الحاسمة، والتحرك الجدي"، وهي آلية يمكن تحقيقها بالتعاون مع دول أوروبية وعربية، متى صفت النيات.
وأعربت المصادر عن اعتقادها، بأن الفترة القادمة ستشهد الكثير من الضغط على لبنان، من بينها شروط لتمويل الولايات المتحدة للقوات المسلحة اللبنانية، لأنه في حال عدم الوفاء بالالتزامات، فالدعم في الكونغرس سيكون محدودًا للغاية، وهذا ما تغير فعلاً في الولايات المتحدة الأميركية مع وصول الجمهوريين، حيث يلعب فريق الخارجية القديم وتحديدًا الرباعي "بومبيو-هيل-شينكر-شيا" دورًا بارزًا ومهما وإن من خارج الإدارة، إلا أن تأثيرهم يبقى كبيرًا على مراكز القرار.