ميشال نصر - خاص الأفضل نيوز
قبل أن يجف حبر المتفائلين بأن جولات المواجهة الإسرائيلية – الإيرانية قد انتهت، حتى خرجت طهران لتعلن أنها سترد على الهجوم الذي استهدفها، والتي أجمعت المصادر الاستخباراتية الدولية على أنه لم يكن مسرحية اتُّفق عليها، كما روج البعض، إنما ضربة مؤلمة صبت في مصلحة التفاوض النووي الإيراني- الأميركي، الذي كانت إحدى عقده البرنامج الصاروخي لطهران، والذي نجحت تل أبيب "بضربة السبت" في تعطيله لمدة طويلة، في ظل الحصار المفروض على الجمهورية الإسلاميةِ.
هذه التطورات تزامنت مع تصعيد المواجهة وتكثيف الضربات، على جبهة لبنان، بما في ذلك القيام بعملية برية أوسع جنوبًا، يبقى احتمالها واردًا، حيث قد يكون التحول الإسرائيلي نحو ذلك سريعًا في ضوء ما يجري على الحدود، رغم الستاتيكو المتحكم بها، ورغم المساعي المبذولة، حيث لا يزال بعيدًا من الحل العسكري والسياسي مع دخوله مرحلة الاستنزاف، إذ من غير المتوقع أن يهدأ دون تسوية في غزة، وفقًا لشروط حزب الله، علمًا أن المفاوضات للوصول إلى تلك الهدنة قد تعثرت من جديد، وسط الخلافات المستمرة بين إسرائيل وحماس.
من هنا وفي ضوء هذه المشهدية المقرونة بعجز رسمي لبناني عن تجييش الأصدقاء العرب والأجانب، فعليًّا لا من باب رفع العتب، يبدو أن الأمور بكليتها ذاهبة بكل ملفاتها نحو مزيد من التعقيد، بما فيها انتخاب رئيس للجمهورية، باتت مهمته الإنقاذية شبه مستحيلة في ظل الأوضاع المستقبلية.
صحيح أن المواقف الداخلية تلتقي على ضرورة انتخاب رئيس توافقي لكن المهمة التي ستكون منوطة بلبنان ورئيسه بعد التسوية المنتظرة لانتهاء الحرب هي التي تحدد مواصفات الرئيس العتيد على ما جرى في المراحل التي رافقت انتخاب رؤساء سابقين، رغم أن ثمة من يردد أن المطلوب اليوم عدم وجود رئيس لأن الاتجاه الدولي يميل نحو "توقيع" الرئاستين الثانية والثالثة، برمزيتيهما الطائفية،"للتسوية" المتوقعة مع إسرائيل، على ما تعتبر مصادر سياسية متابعة.
وتتابع المصادر بأن التسوية ستشمل لبنانيًّا انتخاب رئيس جمهورية يتناسب شخصه والدور المنوط به بعد وقف النار لبنانيًّا وإقليمياً، حيث لن يكون الرئيس العتيد ذاك الذي يصر عليه الثنائي الشيعي، كما لن تكون هناك حاجة إلى موافقة الـ 86 نائبًا لانتخابه، هذه الأمور شكلت محور المحاولة التي بدأ التحضير لها أمس، بالتنسيق بين كتلتي اللقاء الديمقراطي والاعتدال الوطني، في محاولة نحو إحداث خرق في اتجاه التوافق على رئيس، وفتح النقاش في هذا الملف، بعدما باتت القناعة بأن "الحرب قد تطول".
وكشفت المصادر أن ملف رئاسة الجمهورية دخل من جديد بازار المقايضة، فالطرح اللبناني يعرض من بين ما يعرضه انتخاب رئيس في ظل هدنة الـ21 يومًا، وهو ما ترى فيه أوساط دبلوماسية مطلعة عملية "بلف" متقنة، وفقًا لما توصلت إليه نقاشات اللجنة الخماسية التي انعقدت على مستوى نواب وزراء الخارجية بلدانها على هامش انعقاد مؤتمر دعم لبنان في باريسن بعيدًا عن الإعلام، حيث خلص المجتمعون إلى أن لا أفق لاتفاق لبناني على اسم للرئاسة، بل أن الأوضاع التي طرأت دفعت إلى كلًّا الطرفين للتشبث بمواقفه، فيما التوازنات النيابية عاجزة عن انتخاب رئيس، على ما تؤكد مصادر سياسية مواكبة.
وتتابع المصادر أن الاتصالات الداخلية حتى الساعة، بين القوى المختلفة لم تنتج أي تقارب رغم كل ما يتم تسريبه، إذ حتى اللحظة يعتبر الوزير السابق جهاد أزعور، المرشح الوحيد الذي يحظى بإجماع مسيحي، و"بقبة باط" من عين التينة، التي تربطه بها علاقة ودية، وصلت إلى حد اعتبار البعض أنه مرشَّحها المخفي، في وقت تردد فيه أن وزيرًا سابقًا، خلفيته مسيحية صرفة يكثر من زيارات العمل الطويلة إلى عين التينة، معتبرة أنه الورقة المخفية التي قد يطرحها أبو مصطفى في ربع ساعة الجد الأخيرة، محرجًا القوى السياسية المختلفة. وفي هذا الإطار رأت المصادر أن لائحة المرشحين الجدية تشمل وزيرًا سابقًا، وهو ضابط متقاعد، يوصف بالذكاء والدهاء والمثقف، يتواجد خارج لبنان منذ مدة، ونائبين حاليين، حظوظهما غير مرتفعة، نتيجة الاعتراضات المسيحية على كل منهما من جهة حزبية معينة.