طارق ترشيشي - خاصّ الأفضل نيوز
تقول مصادر ديبلوماسية واكبت زيارة الدكتور علي لاريجاني مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد علي خامنئي للبنان وسوريا لموقع "الأفضل نيوز" أن هذه الزيارة اكتسبت أهمية استثنائية تنبع من أنه يأتي موفدًا شخصيا له أراد من خلالها التأكيد للمسؤولين اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين مدى التصاقه ومتابعته المباشرة للعدوان الإسرائيلي المتواصل على لبنان وقطاع غزة، وكذلك إشرافه المباشر على تنفيذ كل المواقف والخطوات التي تتخذها إيران عسكريا وسياسيا وماديا دعما للبنان وفلسطين، وكذلك لتأكيد استعداد إيران المباشر في الحرب هذه المرة لاقتناعها بأن ما تقوم به إسرائيل من اعتداءات وهجمات في المنطقة ومن اغتيالات لقادة المقاومة وعلى رأسهم الأمين العام لحزب الله الشهيد السيد حسن نصرالله، ما هي إلا مقدمات لشن حرب شاملة على محور المقاومة دولا وحركات مقاومة وصولا الى رأس حربتها ايران:
ـ أولا، وفي معرض تقييمها لزيارة لاريجاني والمواقف التي عبر عنها توضح هذه المصادر الديبلوماسية أن هذه الزيارة بالإضافة إلى كونها تندرج في إطار الحضور الإيراني المتواصل في لبنان منذ بداية الحرب الشعواء التي تشنها إسرائيل عليه وعلى قطاع غزة والتي بدأت غداة عملية "طوفان الأقصى" وإن مجيء لاريجاني موفدًا للمرشد خامنئي إلى لبنان يدل إلى مدى اهتمامه الكبير ويشكل ترجمة عملية للمواقف الصارمة التي أعلنها أخيرًا أمام مجلس خبراء القيادة الإيراني وأكد فيه "أن انتصار المقاومة في لبنان وفلسطين قطعي".
ـ ثانيا، إن زيارة لاريجاني جاءت لتؤكد تحسس الجانب الإيراني لمعاناة النازحين اللبنانيين وتقديم الدعم اللازم لهم على كل المستويات. لكن الرجل تبلغ من بعض المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم أن لا إمكانية لوصول المساعدات الإيرانية إلى لبنان عبر الجو والبحر وكذلك عبر البر نتيجة التهديد الإسرائيلي بإعاقة وصولها، فأكد لاريجاني لهم أن هذه المساعدات موضبة وجاهزة للإرسال في أي وقت. ودعا المسؤولين اللبنانيين إلى إيجاد الآلية التي تسمح بإدخالها إلى لبنان مؤكدا أنهم الجهة المعنية بإيجاد حل لهذه المسألة.
ـ ثالثا، إن جولة لاريجاني التي شملت سوريا ولبنان أرادت طهران منها توجيه رسالة الى الولايات المتحدة الأميركية مفادها أن إيران وحلفاءها في محور المقاومة وخارجه يقفون صفا واحدًا وهم على موقف واحد يقولون فيه للإدارة الأميركية الترامبية الجديدة "أنك إذا أردت الدخول في حلول للأزمات القائمة فنحن جاهزون لذلك، أما إذا كان خيارك التصعيد والدخول في مغامرات فنحن كمحور مقاومة سنواجهك جميعا لأن مصيرنا واحد في أي معركة".
وفي هذا السياق تكشف المصادر الدبلوماسية أن طهران حملت أخيرا المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي الذي زارها قبل أيام رسالة مشابهة إلى الولايات المتحدة الأميركية تؤكد لها فيها أن مستعدة للتعاون معها على أساس حسن النية لمعالجة ملفات الأزمات في المنطقة وكذلك الملف النووي الإيراني وذلك على قاعدة الحوار والتعاون.
وكان اللافت ما قاله غروسي في ختام محداثاته في طهران من إن تحقيق "نتائج" من الحوار مع إيران ضرورة لخفض التصعيد وتجنب الحرب.
وأضاف غروسي، خلال مؤتمر صحافي مع رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي"من الضروري التوصل إلى نتائج ملموسة واضحة تظهر أن هذا العمل المشترك يحسن الوضع ويبعدنا عن النزاعات، وفي نهاية المطاف، عن الحرب".
ولعل ما لفت المصادر الديبلوماسية أن زيارة غروسي لطهران جاءت غداة إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد يسرائيل كاتس من أن "المنشآت النووية الإيرانية باتت مكشوفة لإسرائيل بعد الهجوم الصاروخي الإسرائيلي الأخير على إيران"، وذلك في تهديد مباشر بقصف هذه المنشآت في إطار حرب شاملة بات احتمال نشوبها كبيرا حيث أن نتنياهو يدفع إليها بقوة محاولا جر الولايات المتحدة الأميركية الى الموافقة عليها، فيما كانت طهران تحاول ولا تزال تجنبها لأنها ترى أن أوانها لم يحن بعد، وعندما يحين ستكون حرب التحرير الكبرى لفلسطين التاريخية من الاحتلال الإسرائيلي من النهر الى البحر وإنهاء مشروع نتنياهو بإقامة إسرائيل اليهودية الكبرى من النهر إلى البحر والذي انكشف بوضوح قبل أيام من خلال ما صدر في الإعلام الإسرائيلي من أن الملف الأول الذي سيطرحه بنيامين نتنياهو على الطاولة مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب هو ملف ضم الضفة الغربية (يهودا والسامرة في المعتقد اليهودي) إلى إسرائيل.
لكن في ما يقلق طهران وحلفاءها ويثير الريبة لديهم، حسب المصادر الدبلوماسية نفسها، هو طلائع التعيينات التي يجريها ترامب تحضيرًا لتشكيل إدارته حيث يرونها تنحو في اتجاه الصهينة، وكذلك في اتجاه التصعيد. وتشير المصادر إلى أن طهران وحلفاءها مستعدون وجاهزون لمواجهة كل الاحتمالات مع ترامب وإدارته المرتقبة خصوصا وأنه قد بدأت تظهر في ملامح تشعر إيران بأن ثمة مشروعًا عسكريًا ما يعد ضدها لأن ما يحصل المنطقة تقرأ فيه مقدمات يريدها الأميركيون أو الإسرائيليون للهجوم عليها ولكن ما يؤخر هذا الهجوم هو عدم تمكن إسرائيل من القضاء على حركة "حماس" وكذلك على حزب الله حيث ما زالا في عز قوتهما في مواجهتها في قطاع غزة وجنوب لبنان.
لكن بعض السياسيين يحاول التقليل من الخطورة المحتملة لإدارة ترامب ويقولون: "صحيح أن ترامب يأتي بصقور صهاينة الى إدارته ولكنه يستطيع التحكم بهم ساعة يشاء بعيدًا من أي تأثير لنتنياهو عليهم.