كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
أناط القرار ١٧٠١ الذي صدر عن مجلس الأمن الدّولي في ١٢ آب ٢٠٠٦، أثناء الحرب الإسرائيليّة على لبنان صيف ذلك العام، بالجيش اللبنانيِّ والقوات الدوليّة تطبيقه لجهة وقف إطلاق النارِ، والانتشار جنوب نهر الليطاني حتّى الحدود اللبنانيّة مع فلسطين المحتلّة ومنع الوجود والمظاهر المسلّحة، ونفَّذ الجيش و"اليونفيل" القرار، فلم يظهر أي وجود مسلَّح لـ "حزبِ اللّه"، الذي لم يتوقَّف عن بناء قدراته العسكريّة، لأنّه يعلم بأطماع العدوِّ الإسرائيليِّ في لبنان، وله مشروعه التَّوسّعي الاستيطاني.
فمنذ نحو أكثر من ١٨ عامًا، لم يلتزم العدوُّ الإسرائيليُّ بالقرار لا بل خرقه عشراتِ آلاف المرَّات، بالاعتداء على سيادة لبنان، كما أنه استمر باحتلال مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي لمدينة الغجر، وقد طالبه بذلك القرار ٤٢٥ الصادر عن مجلس الأمن في آذار ١٩٧٨، بعد غزوه لمنطقة جنوب الليطاني، وحوّلها إلى "حزام أمني" أو "شريط حدودي" لحماية مستوطناته شمال فلسطين المحتلّة، وأوكل إدارتها للعميل سعد حداد وكان رائدًا في الجيش اللبنانيِّ، وبعد وفاته، للِّواء أنطوان لحد، وكان أيضًا ضابطًا في الجيش اللبناني، لكن انتماءه السِّياسي كما حداد، فكان للرَّئيس الأسبق كميل شمعون الذي كان يرأس "الجبهة اللبنانيّة" أثناء الحرب الأهلية.
فمثل هذا الجيش وهؤلاء الضُّبّاط يريد العدوُّ الإسرائيليُّ، تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي استند إلى القرار ١٧٠١، لكنَّه معدَّل بضمانات أميركية وضعت في ورقة بين واشنطن وتل أبيب، بإشراف الموفد الرِّئاسي الأميركي آموس هوكشتاين، الذي أكَّد على أنَّ الجيش اللبنانيّ سيقوم بمهمَّة منع الوجود المسلَّح جنوب الليطاني، وأن أميركا ستواصل تسليحه ورفع عديده، وهي تريده بأمرتها من خلال قائد (جنرال) عسكريّ أميركيّ، سيكون في اللّجنة الخماسية، التي ستشرف على تطبيق الاتفاق مع كل من فرنسا ولبنان وإسرائيل والأمم المتحدة، بذلك تضمن أميركا أمن إسرائيل، بالقضاء على سلاح "حزبِ اللّه"، وهي مهمة سيقوم بها الجيش اللبناني والقوات الدوليّة، فإذا اعترضته صعوبات فستوعز أميركا إلى العدوَّ الإسرائيليَّ القيام بالمهمة، التي فشل فيها في حربي ٢٠٠٦ و٢٠٢٤.
فالجيش اللبنانيّ الذي ستوكل له مهمة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، سيوسِّع انتشاره بزيادةِ عديده من أربعة آلاف عنصر إلى ١٥ ألفًا، ولكنه سيكون حذرًا في أن يقوم بالقوَّة بنزع سلاح المقاومةِ وهو شريكها في التَّحرير كما في التّصدّي للعدوِّ الإسرائيليِّ، فسقط له نحو ٤٥ شهيدًا في الحرب الحالية.
فمهمَّة الجيش اللُّبنانيِّ في نزع سلاح "حزبِ اللّه" وإلغاء وجوده جنوب الليطاني، وقد يطلب منه أن يفعل ذلك في كلِّ لبنان، فإنَّه أمام مرحلة صعبة ودقيقة، وإن كان يخضع للقرار السِّياسي، وقد صدر عن الحكومة برئاسة نجيب ميقاتي التي وافقت على اتفاق وقف إطلاق النار، بتطبيق القرار ١٧٠١، الذي يعتبره لبنان مطبقًا منذ العام ٢٠٠٦ من جانبه، ولم تنفذه أو يلتزم به العدوُّ الإسرائيليُّ الذي أبقى على احتلاله لأراضٍ لبنانيّة في منطقة العرقوب، دون أن يمتثل لأيِّ قرار دوليٍّ طالبه بالانسحاب منها، وهو الذي يبقي المقاومة موجودة سواء كان اسمها "حزب اللّه" أو غيره، لأن الدستور اللُّبنانيّ وشرعة الأمم المتحدة والمواثيق الدوليّة، أعطت الحقَّ لكلّ شعب أرضه محتلَّة، أن يحرِّرها، فيقع ذلك أحيانًا على الجيوش النِّظاميّة التي تساندها مقاومة، فكانت الثُّلاثيّة الذَّهبيّة "جيش وشعب ومقاومة"، التي استظلها لبنان، وأعطت حكوماته ما بعد اتفاق الطَّائف، شرعيّة لوجود سلاح المقاومةِ، التي تقدَّمها "حزبُ اللَّه"، وعبَّر وزير الخارجية عبد الله بو حبيب قبل أيَّام، عن أن تطبيق القرار ١٧٠١، يلزم العدوّ الإسرائيليّ بالانسحاب من الأراضي التي ما زالت محتلَّة، وهو ما يفرض وجود مقاومة.