مارينا عندس - خاصّ الأفضل نيوز
بعد محاولات العدوان الإسرائيلي الفاشلة بزرع اليأس في قلوب اللبنانيين، تردّد على ألسن العديد من المواطنين كل ما يبشّر بالخير والطمأنينة والنهوض، والإصرار للحياة. وفي الوقت الذي استهدفت فيه إسرائيل العديد من البلدات اللبنانية، تسترجع مناطق أخرى قوّتها وعزيمتها للبقاء، تمامًا كأسواق بعلبك. ما سيؤدي إلى التخفيف من حدّة المخاوف الجيوسياسية التي ألقت بظلالها على الاقتصاد العالمي منذ اندلاع الصراع عام 2023.
ويعتقد محلّلون أنّ تهدئة الوضع بين إسرائيل ولبنان، يمكن أن يهدئ الوضع العام في الشرق الأوسط ككلّ، ممّا قد يفتح جهودًا دبلوماسية أوسع، خاصّة في ظل المبادرات الدولية لإعادة ترتيب الأولويات الأمنية والاقتصادية في المنطقة.
كما كشف رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، الوزير السابق محمد شقير أنّ القطاعات الاقتصادية والإنتاجية مرّت خلال الحرب بوضع غير مسبوق، بحيث توقّف نحو 30% من المصانع عن العمل بسبب وجودها في المناطق غير الآمنة، في حين انخفض نشاط القطاع الصناعي بحدود الـ50%.
وسجّل القطاع التجاري تراجعًا بحوالي الـ90% مع انخفاض 30% للنشاط الزراعي.
المصانع تعرَّضت لأضرار كبيرة
وفي السياق، أكّد نقولا أبو فيصل رئيس تجمّع الصناعيين في البقاع لموقع "الأفضل نيوز"، أنّ معظم المصانع قد تعرّضت لأضرارٍ مباشرة أو غير مباشرة نتيجة القصف، ما يؤدي إلى إغلاق بعضها بشكل مؤقت أو دائم، مما يؤثر على ارتفاع معدلات البطالة، خصوصًا في منطقة البقاع إذ يوجد حوالى 1100 مصنع يُشكلون 65% من إنتاج الغذاء المحلي في كل لبنان.
كذلك أثّرت الغارات الجوية على البنية التحتية وسلاسل الإمداد، ما أدى إلى تعطيل الإنتاج في مصانع عديدة كانت تواجه صعوبات بالفعل. وقد أُجبر العديد منها على إيقاف عملياتها بسبب الظروف الأمنية وانقطاع الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والاتصالات، وإغلاق المعابر الشرعية بين لبنان وسوريا في مناطق المصنع والجوسة وفليطا، مما زاد من تعقيد استمرارية العمل في هذه المنشآت.
أمّا المصانع التي استطاعت الاستمرار، فهي تعمل بطاقات إنتاجية منخفضة بسبب تعقيد سلاسل الإمداد، وفقدان اليد العاملة واستبدال عمال لبنانيين بعمال سوريين نتيجة نزوح المواطنين من قراهم، وارتفاع تكلفة النقل والمواد الخام، بالإضافة إلى ضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين.
وبحسب "الدولية للمعلومات"، خسرت المؤسسات التجارية والسياحية والصناعية نحو 520 مليون دولار، بينما تكبد القطاع الزراعي خسائر بقيمة 920 مليون دولار. أمّا الخسائر غير المباشرة للحرب والناتجة عن تراجع الاقتصاد، قُدّرت بنحو 4.2 مليارات دولار. كما تضررت حوالي الـ15 ألف مؤسسة قد تضررت بشكل جزئي أو كليّ يعمل فيها نحو 250 ألف موظف وعامل توقفوا عن العمل، وهؤلاء قد يعودون إلى العمل في المؤسسات التي ستعود إليها الحياة، بينما يجب الانتظار لأسبوعين على أقل تقدير لإجراء المسح ببقية المؤسسات والعمال.
وبحسب آخر دراسة أجرتها صحيفة "فايننشال تايمز البريطانية"، فإنّ معظم قطاعات الاقتصاد اللبناني قد توقّفت عن العمل، في غياب وقف النار الضرر الاقتصادي سيزداد سوءًا، وإذا استمر الصراع لنهاية 2025 هناك توقعات بانكماش بنسة 20% في العام المقبل.
ويلفت التقرير إلى أنّ لبنان منذ عام 2019، عانى من انهيار بنسبة 98% في قيمة العملة المحلية وأزمة مصرفية وفساد وسوء إدارة مالية وكورونا وانفجار مرفأ بيروت. وبدلًا من النمو بنسبة 0.9% الذي توقعه البنك الدولي سابقًا، يتوقع البنك الآن أن ينخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6.6% هذا العام. وكان الناتج المحلي قد انكمش بالفعل بنسبة 34% عام 2019.
ووضّح التقرير أنّ المنطقة الأكثر تضررًا، هي جنوب لبنان. وهي غنية ببساتين الزيتون والموز وأشجار الحمضيات. ويقدّر البنك الدولي خسائر القطاع الزراعي في لبنان بنحو 1.1 مليار دولار.