د. أكرم حمدان - خاصّ الأفضل نيوز
استوقفتني منذ أيام بعض الردود المشكورة من بعض الشخصيات والمعنيين، على الموفد الرئاسي الأميركي توم براك حول تعليقه "المستهتر" بحق مزارع شبعا، وبنفس القدر والوقت هالني الصمت الرسمي المطبق تجاه هذه القضية الوطنية بامتياز والذي يتكرر كلما تناول أحدهم هذه القضية وكأن الحديث لا يعني المسؤولين الرسميين بمختلف مواقعهم ومسمياتهم، إلا ما ندر، وكوني معني بهذه القضية على أكثر من مستوى وصفة، أجد من واجبي الأخلاقي والوطني والقيمي أن أرد على السيد باراك وعلى طريقته.
بداية، وجدت في معاجم اللغة أن كلمة "بَراك" لها معانٍ مختلفة، فقد تعني "اثبت" أو "استقر" أو "ابرك" أي أجلس كما في اللهجة الحلبية، كذلك قد تكون اسمًا لمهنة أو صفة لشخص يعمل طحانًا أو يأخذ أجرًا على الطحن.
وإنطلاقاً من هذه المعاني وتحديداً المعنى الأخير، فإن مزارع شبعا في هذا المعيار والمقياس كما سنابل القمح في البقاع حيث ينحدر السيد باراك، وهي ذات قيمة عالية جداً بنظر أهلها وبنظر كل مواطن حر وشريف تعني له كل ذرة تراب من وطنه.
فسخرية باراك من مزارع شبعا، والازدراء بقوله"ظننتها مزرعة خيولٍ أصيلة من كنتاكي!" يزيد من تأكيد أهميتها، كونها ليست للمساومة أو السخرية، فشبعا ومزارعها لا تحتاج لشهادة السيد باراك، وعلى الرغم من ذلك، فإن تصريحه وما تضمنه يؤكد على جملة من الوقائع أهمها وأولها:
أن السيد باراك أكد أنه ذهب إلى مزارع شبعا ورغم سخريته مما شاهده على حد زعمه، ولا ندري إلى أي موقع أو جهة أو زاوية ذهب من هذه المزارع، فإن الزيارة بحد ذاتها تُمثل إقراراً أميركياً بلبنانية المزارع المحتلة، كما أن الحديث عن وصفها بأنها أراضٍ لا قيمة لها وحلها يحتاج إلى تبادل أراضٍ، هو إقرار أميركي إضافي برسم كل من أتحفنا بأنها سورية.
والمؤسف في كل ما تقدم هو الصمت الرسمي وخصوصاً من وزارة الخارجية ومن فريق السيادة والاستقلال وكل الجهات الرسمية المعنية.
فللسيد باراك ومن يدور في فلكه نقول: إن جمال مزارع شبعا الطبيعي يُضاهي مزارع خيول كنتاكي بكثير بالنسبة لنا، فهي تحتوي على مركز تزلج أقامته قوات الاحتلال على قمة الزلقا، وفيها من الزيتون والكروم والقمح والأشجار المثمرة التي تحتاج إلى الكثير من البراكين لجني محاصيلها.
وفي مزارع شبعا أيضاً الكثير من الينابيع التي تروي الأرض العطشى، وفيها أيضاً أراضٍ للأوقاف الأرثوذكسية والأوقاف الإسلامية، حيث مقام النبي إبراهيم الخليل المعروف بمشهد الطير وفيها الكثير الكثير الذي لا يعرفه براك وغيره.
فهل يقتنع البعض بلبنانية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا بعد هذا الإقرار الأميركي؟، وهل توافق الحكومة اللبنانية على الطرح الأميركي بتبادل الأراضي عند ترسيم الحدود؟ وهل ما قاله براك منسق مع العدو أو هذا ما يُريده؟
إن الرد على مزاعم براك وغيره مطلوب من كل من تعنيه السيادة والاستقلال، وخصوصاً من الجهات الرسمية، ومن المؤسف أن البعض ممن يعنيهم الأمر يتعامل مع هذا الملف، إما بالنكاية وإما بالتجاهل والخوف على مصالحه وموقعه...
هذه القضية ليست للمساومة... والأيام بيننا