كمال ذبيان - خاصّ الأفضل نيوز
ليست المرَّة الأولى التي يتمّ فيها وقف إطلاق النار أو هدنة مؤقتة في غزة، لتبادل أسرى فلسطينيين برهائن إسرائيليّين، إذ سبق وحصل ذلك بعد حوالي ثلاثة أشهر من عمليّة "طوفان الأقصى" التي نفَّذتها حركة "حماس"، في ٧ تشرين الأول ٢٠٢٣، ثم بدء الحرب الإسرائيليّة المدمِّرة على القطاع، فعرقل رئيس حكومة العدوِّ الإسرائيليِّ بنيامين نتنياهو كل المساعي الدولية، لإنهاء الإبادة الجماعية ضدَّ الشعب الفلسطيني في غزة، ودانته المحكمة الجنائية الدوليّة، وأصدرت حكمًا به، وبات مطاردًا من العدالة الدوليّة، وصُنّف بالمجرم والقاتل، لكنه لم يرتدع عن مواصلة الحرب التي دخلت شهرها الرابع بعد عام، علَّه يحقِّق نصرًا عسكريًّا، فلم يتمكّن سوى من تدمير المنازل والأحياء السَّكنيّة والمؤسَّسات، وعمليّاتِ التّهجير والمجازر التي طالت عائلات من أطفال ونساء، فكانت نتيجة حرب نتنياهو ومن معه في الحكومة، أنه وافق على شروط حركة "حماس"، التي ما زال مقاتلوها يتصدُّون للاحتلالِ الإسرائيليِّ ويقاومونه ويوقعون قتلى وجرحى في صفوف ضباطه وجنوده، وتدمير آلياته العسكرية.
خضع نتنياهو لشروط "حماس" بعد أشهر من المفاوضاتِ التي كان يستفيد منها لكسب الوقت علَّه يحرز نصرًا عسكريًّا، وكان لا يأبه لتظاهرات واعتصامات أهالي الرهائن الإسرائيليّين، بأن يوقف الحرب ويعقد صفقة التبادل مع "حماس"، إلى أن وافق قبل نهاية ولاية الرئيس الأميركي جو بايدن في ٢٠ من الشَّهر الجاري، واستلام خلفه الرئيس دونالد ترامب، ويحاول كل منهما أن ينسب لنفسه الوصول إلى الاتفاق، فذكر بايدن بأنَّه هو من تقدَّم باقتراحات لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في أيار الماضي، وهو حصل على تأييد نتنياهو الذي كانت بنود الاتفاق من صياغته كما ذكر بايدن، إلّا أنَّ تصلُّب رئيس حكومة العدوِّ أخَّر تحقيق الصَّفقة التي ماطل نتنياهو فيها إلى أن يصل ترامب إلى البيت الأبيض، وسيكون تنفيذ الاتفاق الذي توصل إليه الوسطاء من أميركا ومصر وقطر يوم الأحد في ١٩ كانون الثاني الحالي، وقبل يوم من مغادرةِ بايدن البيت الأبيض، ودخول ترامب إليه.
والصفقة هي أمام الاختبار، والتزام العدوِّ الإسرائيليِّ بها، والذي ما زال الانقسام داخل الحكومة حولها، وتهديد الوزراء المتطرّفين داخلها، بالاستقالة منها ومن أبرزهم بن غفير وسموتريتش، وهذا ما يترك شكوكًا حول تطبيقها في موعدها، وبكامل بنودها، وهي ستطول على مدى ٤٢ يومًا، وهي على مراحل، ولن تتم دفعة واحدة، وتتّكل على أفعال الحكومة الإسرائيليّة التي لم توقف أعمالها العدوانية ضدَّ عزّة منذ الإعلان عن الوصول إلى اتفاق حول وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والرهائن، إذ سجَّل استشهاد نحو مئة مواطن فلسطيني بالعدوان على أحياء ومنازل سكنية في القطاع.
فيوم الأحد، هو مصيري بأن ينفّذ العدوُّ الإسرائيليُّ ما تمَّ التَّوصل إليه من اتفاق في العاصمة القطرية الدوحة، إذ ما زالت الشُّكوك قائمة حوله، وأن ينسفه المتطرِّفون داخل الحكومة الإسرائيليّة، لتعطيلها، واستمرار الحرب حتّى النهاية، وهذا ما عبّر عنه وزير المال يسرائيل سموتريتش، بأنه يربط وجوده في الحكومة، بأن لا تتوقَّف الحرب على غزّة.
لكن الخداع الإسرائيليّ، لا يمكنه أن يستمر، ولا يمكن للعدوِّ الإسرائيليِّ أن يقدِّم الذرائع، بأن "حماس" تعرقل تنفيذ الاتفاق، بحيث ضاقت على نتنياهو مساحة الهروب من صفقة الاتفاق الأخيرة، التي باتت مطلبًا دوليًّا، بأن يسلم أن أهداف حربه على غزة، لم يستطع تحقيقها، وهي القضاء على "حماس" التي رضخ للقبول بإجراء مفاوضات غير مباشرة معها، وهذا انكسار وهزيمة له، أمام الإسرائيليين الذين فقدوا الثقة به، بالرغم من ادِّعائه أنه حقَّق انتصارات على محورِ المقاومة، التي تلقَّت ضرباتٍ في غزّة ولبنان، وتمَّ قطع شريانها في سوريا بسقوط نظامها، إلَّا أنَّها لم تُلغَ كفكرة لا تموت وتستمر مع الأجيال.