عماد مرمل - خاصّ الأفضل نيوز
بمعزل عن الملابسات التي رافقت اختيار كل منهما في منصبه، تشكل ثنائية جوزاف عون - نواف سلام في السلطة، فرصة بالنسبة إلى الكثيرين لنقل لبنان من مرحلة الأزمات الى مرحلة الانفراجات ومن نفق الفساد الى رحاب الإصلاح.
ويُصنَف الرجلان، من زاوية المتحمسين لهما، كشخصيتين بعيدتين من الكلاسيكية، وفدتا الى الحكم من خارج النادي السياسي التقليدي، فالعماد عون وصل الى رئاسة الجمهورية من قيادة الجيش عبر "الخط العسكري"، والقاضي سلام وصل الى السرايا الحكومية من رئاسة محكمة العدل الدولية، وبالتالي فإن هذه "الخلطة" بين الرجلين توحي أنها "سحرية" لكل من كان يتطلع إلى تركيبة حاكمة جديدة وواعدة من خارج "النمط الاستهلاكي."
وما عزز تفاؤل المستبشرين خيرًا ب"ديو" عون - سلام هو أنهما بحظيان بدعم دولي وإقليمي جارف، من شأنه أن يسهل مهمتهما ويمنحهما قوة دفع استثنائية في مواجهة الملفات الصعبة التي تنتظرهما.
ولكن هناك في المقابل من ينبّه إلى أن "مطحنة" التعقيدات اللبنانية قادرة على "فرم" كل الأحلام والطموحات الوردية، ما لم يتم التوفيق بينها وبين خصوصيات الواقع الداخلي الذي تتداخل فيه الميثاقية بالديموقراطية، والحرية بالفوضى، والطوائف بالطائفية، والدستور بالأعراف، والهوية الوطنية بالولاءات الخارجية، حيث أن التعامل مع هذا الواقع المركّب يحتاج الى إدارة مرنة تكون قادرة على جمع الأهداف التغييرية مع الوسائل البراغماتية، لئلا يؤدي لاحقا سوء التقدير أو سوء التصرف إلى الارتطام بأرض الواقع.
ولأن تركيبة الحكم في لبنان تستند الى الشراكة والتوازن، فإنه سيكون من الظلم والمبالغة تحميل عون وسلام وحدهما، على أهمية دورهما، مسؤولية إحداث التغيير الجذري المطلوب، والنهوض بلبنان من تحت ركام الانهيارات في كل المجالات.
صحيح أن مجرد وصول الرجلين الى الحكم أحدث صدمة إيجابية، بعد حقبة الإحباط القاسي التي عانى منها اللبنانيون، ولكن المفعول النفسي لتلك الصدمة سينتهي عاجلًا أم آجلًا ما لم يتم إقرانه بمسار مستدام يُفترض أن ينخرط فيه الجميع، كلٌ من موقع صلاحياته، بدءا من مجلس النواب ومجلس الوزراء المزمع تشكيله، وصولًا إلى الأحزاب والقوى السياسية الوازنة.
وبهذا المعنى، فإن المطلوب فريق عمل متجانس ومنتج، يقوده رئيس الجمهورية ويديره رئيس الحكومة ويساهم فيه اللاعبون السياسيون الذين يجب أن يتمثلوا بالكفاءات القادرة على إحداث الفارق.
وحتى تنجح هذه التجربة، لا بد من إنجاز تفاهمات داخلية تمهيدية، يمكن على أساسها تشكيل حكومة قوية تمتلك المناعة الضرورية وتستطيع التصدي للأعباء الثقيلة التي تنتظرها.
وقد أعطى سلام إشارة واضحة إلى اقتناعه بضرورة سلوك هذا المسار الإيجابي عندما أكد من عين التينة أن ليس أمامه سوى خيار التفاهم، خصوصًا أن من مصلحته المباشرة، وهو ورئيس الجمهورية المنتخب، أن يضمنا انطلاقة سليمة للعهد الجديد وحكومته الأولى، حتى لا تنقلب الفرصة إلى تهديد.