خليل حرب - خاصّ الأفضل نيوز
لن يكون ورديا هذا العالم والإقليم الذي نقطنه، لو كانت السعودية وإيران، على وئام كامل، لكنه بالتأكيد سيكون أفضل حالا.
لا تستولد السياسة وتشابكاتها، زواجا مارونيا، ولا قصص غرام على شاكلة "قيس وليلى"، لكن فن ابتداع التلاقي وإدارة الأزمات واحتوائها، بإمكانه السير بعلاقات الرياض-طهران، إلى ما يصون مصالحهما ونفوذهما الخارجي، واستقرارهما الداخلي أيضا.
عوامل كثيرة مثيرة للخلافات والتباين بين الجارين، من بينها طبعا الولايات المتحدة نفسها، لكنهما استجابتا للعقل بتفاهماتهما التاريخية في 10 آذار/مارس 2023 في تحول "تكتوني" الطابع، أثار آمالا كبيرة بأن صفحات التوتر والصدام والقطيعة المتكررة، ستصبح من الماضي.
وللتذكير في الشهر التالي، كان وفد من حركة حماس بقيادة اسماعيل هنية إلى جانب خليل الحية وموسى أبو مرزوق وخالد مشعل، يحط في السعودية في أول زيارة من نوعها منذ سنوات. وتحركت أيضا خطوط استعادة العلاقة السعودية المقطوعة مع دمشق.
الأمثلة كثيرة حول تأثير الدومينو الذي كان ممكنا للانفراج السعودي-الإيراني. حتى "طوفان الأقصى" في أكتوبر/تشرين الأول 2023، لم يعكر صفو الانفتاح بينهما، لكن لحظات التوتر والاحتقان الإقليمي الذي حصل، تركت تداعياتها بالتأكيد.
والآن، تعيد غزة –فلسطين- صياغة التكاتف بين السعوديين والإيرانيين. تنصل الرئيس الأميركي ترامب من "الاشتراط" السعودي بقيام دولة فلسطينية على أراضي ال67 قبل التطبيع مع إسرائيل، ثم استغلال رئيس وزراء العدو نتنياهو هذه الحركة الترامبية، للقول بسخرية إنه بإمكان السعودية التي لديها أراضٍ شاسعة، توطين الفلسطينيين على أراضيها، تؤمن فرصة للتنسيق والتعاضد السعودي-الإيراني.
السعودية غاضبة بالتأكيد من المدى الذي ذهب إليه ترامب في إنكار حق الفلسطينيين بالبقاء في أرضهم بالترويج لفكرته البلهاء حول "ريفييرا الشرق الأوسط" في غزة "المطهرة" من أهلها، ومن وقاحة نتنياهو بطرح اسم السعودية كأرض بديلة للشعب الفلسطيني المنكوب بالاحتلال والإبادة والاقتلاع.
مواقف التضامن من جانب الإمارات وقطر ومصر والأردن وغيرها مع السعودية تتوالى. وحسنا فعل وزير الخارجية الإيراني عرقجي عندما قال إنه "بدلاً من ترحيل الفلسطينيين، يجب على ترامب أن يُرحِّلَ الإسرائيليين. ليأخذهم إلى غرينلاند. بذلك سيحققون هدفين بحجر واحد، وهما حل مشكلة إسرائيل وغرينلاند" (غرينلاند يضغط ترامب من أجل ضمها عنوة إلى السيادة الأميركية لينتزعها من الدنمارك).
هذه فرصة للجارين، لتحصين المواقف. تحتاج السعودية، كما إيران، في هذه المرحلة الإقليمية الخطيرة، إلى سند الكتف على الكتف. هذا ليس غراما. هذه حاجة ملحة، وضرورات البقاء.