ليديا أبو درغم - خاصّ الأفضل نيوز
بعد سلسلة التطورات الحاصلة في المنطقة مع دخول "مشروع ترامب" إليها، يمكن القول إن العمل باتفاق سايكس – بيكو ووعد بلفور، قد انتهى وبدأت المنطقة تتّجه نحو اتفاق ترامب – نتنياهو، وأن الشرق الأوسط الجديد بزعامة "إسرائيل" قد بدأ، وعاد معه حلم "إسرائيل الكبرى" من الفرات الى النيل، وهو من صميم العقيدة الصهيونية، التي تتبناها الحكومة اليمينية المتطرفة التي تقود دولة الاحتلال.
حديث ترامب حول ترحيل الفلسطينيين، الى مصر والأردن لم يأت من فراغ، بل أتى منسجماً مع مشروع "الشرق الأوسط الجديد"، مرتبطاً بالرواية التوراتية التي ترى "إسرائيل" من النيل إلى الفرات، واستجابة لمساعي الدولة العميقة داخل الولايات المتحدة، كما أنه ليس جديداً، بل هو استكمال لـ "صفقة القرن" التي كان قد أعلن عنها في فترة رئاسته الأولى، التي تتضمن ترسيم حدود جغرافية جديدة لدولة "إسرائيل"، فجاء في رئاسته الثانية ليستكمل ما بدأه.
مشروع "إسرائيل الكبرى" حالياً يأخذ مسمى جديداً وهو "شرق أوسط جديد"، وهو ما ظهر في الخريطة التي رفعها نتنياهو في أكثر من مناسبة، التي تمتّد من نهر النيل في مصر إلى نهر الفرات في العراق، شاملةً سورية ولبنان والأردن والكويت، وأجزاء من السعودية والعراق وتركيا، فضلاً عن فلسطين كاملةّ، وخلت من الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة. ومن هذه الدلائل طبيعة الأداء العسكري والعمليات العسكرية التي قام بها جيش الاحتلال، والتي تؤكد نية التوسع خارج حدود فلسطين، فالناظر يُدرك جيداً أن الاحتلال لا يحارب المقاومة الفلسطينية و"حزب الله"، وإنما يحارب الأرض، فهو يتبع سياسة الأرض المحروقة، ويبيد الأخضر واليابس، ويستعمل الأسلحة المدمرة ليحيل الأرض التي يقصفها إلى مناطق غير قابلة للإعمار.
فهل تقبل أميركا، الداعم الرئيس للكيان بـ"إسرائيل كُبرى" من الفرات إلى النيل؟ هذه المنطقة الحيوية جدّاً بالنسبة لأميركا، وتمثّل أساس زعامة الولايات المتّحدة للعالم، وتحوي قرابة 70% من احتياطات النفط والغاز، وتضمّ أغلب الممرَّات البحرية المتحكّمة بالتجارة العالمية في باب المندب ومضيق هرمز وقناة السويس، وتُعَدُّ قلب العالم، إذ تتوسّط القارات الثلاث، آسيا أوروبا وأفريقيا، ثمّ إنّ "إسرائيل" بالنسبة لأميركا قاعدة عسكرية متقدّمة تحمي بها مصالحها، والعصا الغليظة التي تستخدمها أميركا عندما تجد ذلك ضرورياً فيما تقدّم نفسها وسيطاً يعمل على حلّ النزاعات، تماماً كما هو حاصل حالياً في وساطتها في وقف إطلاق النار في غزة ولبنان. فهل تسمح أميركا لهذه القاعدة العسكرية بأن تتحوّل قوّةً إقليميةً سياسيةً تنازعها الهيمنة والسيطرة، وتتحرّر من قراراتها، وتصبح زعيمة المنطقة؟.