ليديا أبو درغم - خاصّ الأفضل نيوز
تواجه أوروبا تحدياً استراتيجياً غير مسبوق في محاولتها تعويض الفجوة المحتملة في الدعم العسكري الأميركي لأوكرانيا.
فبعد المشادة الكلامية بين ترامب وزيلينسكي، بعث قادة 18 دولة أوروبية وغربية اجتمعوا في لندن رسائل دعم لأوكرانيا، بين "تحمل أوروبا العبء الأكبر" لضمان السلام في أوكرانيا إلى "زيادة الإنفاق الدفاعي" والاستعداد للأسوأ".
ورغم الإرادة السياسية التي أظهرها القادة الأوروبيون في قمة لندن الأخيرة، تفرض حقائق هيكلية قيوداً صعبة على قدرة القارة على ملء الفراغ الذي قد يخلفه توقف الدعم الأميركي، إذ تواجه أوروبا تحديات أساسية:
أولها أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة مثل باتريوت التي تنفرد الولايات المتحدة بإنتاجها بكميات كافية، والصواريخ بعيدة المدى التي تعاني أوروبا من محدودية مخزونها ورفض بعض الدول مثل ألمانيا توفير بدائل مثل صواريخ توروس.
إضافة إلى الاتصالات الفضائية، إذ تعتمد أوكرانيا بشكل كبير على منظومة ستارلينك الأميركية التي يوفّرها الملياردير المتحالف مع ترامب، إيلون ماسك، ما يضطر الاتحاد الأوروبي أن يراهن على مشروع "أيريس 2" لتعزيز مكانته في صناعة الفضاء، الذي يُعد منافسًا لنظام "ستار لينك" الأميركي: المشروع، الذي تبلغ تكلفته 11 مليارات يورو، يستهدف تأمين الاتصال البيني والأمن عبر الأقمار الصناعية. يتولى الاتحاد تمويل 6 مليارات، فيما تشارك وكالة الفضاء الأوروبية والمستثمرون بالباقي.
وعلى المستوى المالي، يمثل تعويض الدعم الأميركي البالغ نحو 67 مليار دولار عبئاً هائلاً على الاقتصادات الأوروبية التي تعاني أصلاً من تباطؤ اقتصادي وتضخم وضغوط اجتماعية، مما يجعل فكرة مضاعفة المساهمات الأوروبية المقدرة حالياً بنحو 62 مليار يورو تحدياً مالياً مؤرقاً، حتى مع المقترحات المتعلقة باستخدام الأصول الروسية المجمدة التي تواجه تعقيدات قانونية.
هذه الجهود، على أهميتها، تظل غير كافية لتعويض الدعم الأميركي بالكامل على المدى القصير، خاصة وأن الاستراتيجية الأوروبية، تضع دول أوروبا أمام "خيارات صعبة" بين البحث عن تسوية سياسية سريعة تحفظ ماء وجه الجميع، أو الدخول في سباق تسلح وإنفاق مكلف قد لا تتحمله اقتصاداتها في الظروف الحالية.
شهد العالم ما فعله ترامب بنظيره الأوكراني زيلينسكي، كما شهد جلوس الأميركيين والروس على طاولة المفاوضات في الرياض، وأنقرة ووضعوا الخطوط العريضة لما قد يكون أكبر صفقة في التاريخ الحديث، صفقة ستغيّر وجه وخارطة العالم التي سيتغيّر معها كل شيء، والتي تسعى أوروبا لعدم إقصائها عنها.
في ظل هذه التحركات والتطورات المتسارعة، يبقى السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه: هل تملك أوروبا القدرة الفعلية على سد الفجوة التي قد يخلفها غياب الدعم الأميركي لأوكرانيا التي أصبحت حرباً أوروبية؟.