طارق ترشيشي - خاص الأفضل نيوز
تتجه الأنظار إلى مسقط عاصمة سلطنة عمان التي ستشهد بعد غد السبت المفاوضات الأميركية ـ الإيرانية غير المباشرة والتي قد تتحول مباشرة في حالة تطورت إيجابا بين الجانبين في ما يتعلق بالملف النووي الإيراني وحدود دور إيران ونفوذها في المنطقة. ويعول لبنان وغيره في الإقليم على هذه المفاوضات لأنها إذا انتهت إلى اتفاق ستدخل المنطقة معه في مرحلة جديدة تتراجع فيها النزاعات لمصلحة التسويات.
وتقول مصادر مطلعة على الموقف الإيراني لموقع "الأفضل نيوز" أن مفاوضات عُمان لا تعني في المطلق أنها في مرحلتها الأولى ستنعكس إيجابا على لبنان والمنطقة، ولكن الجانب الأميركي ومن باب الضغط لإيصال هذه المفاوضات إلى النتائج التي يريدها هو قد يلجأ إلى بعض الأعمال والضغوط عبر ذراعه الإسرائيلية، خصوصا وأن واشنطن تقارب المفاوضات من باب النفوذ الإيراني في المنطقة والذي يشمل بطبيعة الحال ملف سوريا ولو أنه خرج من الأيدي الإيرانية لكنه ما زال يقارب إيرانيًا كحلٍ مع لبنان، ولكن هناك مخاوف من حصول تهديد أميركي يترجم في لبنان، فليس مطروحا شن حرب كبرى ولكن قد يتم اللجوء إلى أعمال قصف جوي وغيره في إطار ممارسة ضغط عسكري على المقاومة من جهة وضغوط واستفزاز على المستوى السياسي من جهة ثانية، خصوصا وأن الحضور الأميركي في لبنان يتعاظم وهو أعلى مستوى من حيث الكلام عن نزع سلاح حزب الله قبل زوال الاحتلال الإسرائيلي إذ لا يمر يوم إلا ويصل فيه وفد أميركي الى لبنان، وآخر هذه الوفود وليس آخرها وفد "تجمع المحامين الأميركيين" وذلك في موازاة معاودة الحضور الأميركي على المستوى القضائي وإثارة موضوع إقصاء حزب الله عن مرفأ بيروت ومطار رفيق الحريري وذلك في إطار أحداث ذرائع لـ "قصقصة’" أجنحة "الحزب" وبالتالي إخراجه أو تحجيم حضوره في هذه المؤسسات وعلى المستوى الوطني العام.
وتضيف هذه المصادر أنه على مستوى الملف النووي الإيراني ما زالت الأمور غير واضحة ولكن يستدل من خلال الكلام الأميركي والإيراني أن الطرفين ذاهبان إلى اتفاق. إلا أن التصريحات وحدها لا تكفي للتأكد من صحة هذا الأمر، فالرئيس الأميركي دونالد ترامب كان يقول أنه يريد وقف الحرب في غزة ولكن هذه الحرب تجددت بعد توقف قسري، وكذلك فإن إرادة التوصل إلى حل ديبلوماسي بين واشنطن وطهران بديلا من الحل العسكري قد لا تصل إلى خواتيمها المرجوة، في اعتبار أن تصور ترامب لها قد يكون رضوخ إيران لسلسلة مطالب أميركية وعلى رأسها التوقف عن دعم حلفائها في المنطقة. لكن طهران، تضيف المصادر، مفتحة على التفاوض لتبديد الهواجس الأميركية والغربية إزاء الملف النووي الإيراني وفي هذا السياق هي منفتحة على إجراءات رقابية أكثر تمكن الطرف الآخر من مراقبة النشاط النووي الإيراني عبر جولات تفتيش وكاميرات مراقبة تعمل على مدار الساعة في المنشآت النووية الإيرانية، لكن ربط هذا الملف بمسألة علاقات إيران مع دول وقوى في المنطقة أو بموضوع القدرة الصاروخية الإيرانية فهذا لن يكون موضع تفاوض بالنسبة إليها لأنها تعتبر أن محاولة إدخال هذين الأمرين في المفاوضات هو محاولة لاستهدافها وسلبها القوة التي تملكها تمهيدا لاستهدافها عسكرياً.
وتؤكد المصادر نفسها أن إيران تريد من الولايات المتحدة الأميركية أن تثبت صدقية وجدية في التوصل إلى اتفاق عبر إقدامها على رفع بعض العقوبات المفروضة على إيران بداية قبل الذهاب إلى مفاوضات مباشرة، لأن طهران لن تقبل أن يحصل لها ما حصل لليبيا عندما فككت منشأتها النووية ومع النظام السوري السابق عندما نزع سلاحه الكيماوي وكانت النتيجة خلع النظامين الليبي والسوري ولو في خلال فترات زمنية متباعدة.
وتشدّد المصادر على أن طبيعة المفاوضات وهي بأمر مباشر من المرشد الأعلى للجمهورية السيد علي خامنئي ستكون غير مباشرة وقد عبر عن هذا الأمر أكثر من مسؤول إيراني وعلى رأسهم رئيس الجمهورية مسعود بزشكيان الذي قال أن المرشد سمح بمفاوضات غير مباشرة إلى أن تثبت أميركا جديتها في الوصول إلى اتفاق وفي حال لمس المفاوض الإيراني هذه الجدية تتحول المفاوضات مباشرة في مقابل مبادرة حسن أميركية تترجم برفع عقوبات أو بعض العقوبات الأساسية المفروضة على إيران.
وفي هذه الأثناء هناك مخاوف لدى إيران من إقدام واشنطن على استخدام لبنان أداة للضغط عليها وهذا يلاحظ من خلال الحضور الأميركي الكبير واللهجة الأميركية العالية النبرة تجاه حزب الله. وفي حال ذهب الأميركي في اتجاه دفع المسؤولين اللبناني إلى خطوات من شأنها أن تهز الوضع اللبناني فإن ذلك سيكون أمرًا خطيرًا. ولكن حتى الآن لم تظهر طبيعة المفاوضات أي شيء من هذا القبيل، إلا أنه يجب توقع وترقب ما ستحمله الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس في زيارتها الثالثة المقبلة لبنان خصوصًا وأن في توقعات الأميركيين أن حزب الله سيتمكن خلال أشهر من ترميم قدراته وتعويض ما خسره خلال الحرب، وتحديدا على مستوى قدراته الصاروخية. ولذلك سيمارس الأميركيون أقصى الضغوط وأقساها عليه لتحقيق مكتسبات هذا الاتجاه، إذ أنهم يعتقدون أن السلطة اللبنانية قادرة على نزع سلاح الحزب أو دفع الأمور في اتجاه مواجهة بينها وبينه. لكن الحزب المعروف ببراغماتيته المعهودة سيتمكن من إمرار المرحلة وهو قد احتاط لكل المخاطر المتوقعة سواء على الجبهة الشمالية أو على الجبهة الجنوبية وهو قادر على الوصول إلى مرحلة تكون فيها الظروف الإقليمية والدولية ملائمة لمواجهة كل هذه المخاطر والوصول إلى شاطئ الأمان.
على أن البعض يقول إن ترامب بدأ عبر التفاوض مع ايران معركة ولايته الرئاسية الثالثة التي يطمح للوصول إليها عبر تعديل دستوري، ولذلك قد يكون من مصلحته التوصل الى اتفاق مع إيران يمكنه من الفوز في الانتخابات النصفية التي يستعد لها بالأكثرية في الكونغرس الأميركي، وهي الأكثرية التي تمكنه من إقرار التعديل الدستوري التي يريده للوصول الى الولاية الرئاسية الثالثة.
لكن يبقى السؤال: هل أن الاتفاق مع إيران يوصل ترامب الى التعديل الدستوري المطلوب؟ أم أن الخيار العسكري هو المطلوب لتحقيق هذا التعديل؟
هذان السؤالان ستجيب عنهما نتائج مفاوضات عُمان؟