هنادي عيسى - خاصّ الأفضل نيوز
نادين لبكي، اسمٌ لبنانيٌّ لمع في السينما اللبنانية والعربية والعالمية، قدمت عددًا من الأفلام التي حازت على جوائز مهمة. كما شاركت كعضو لجنة تحكيم في أهم المهرجانات السينمائية العربية والعالمية. ومؤخرا شاركت في فيلم مميز جدا تتحدث عن تفاصيله للأفضل نيوز " فتقول:
"إنَّ فيلم " ما وراء الموج" الذي أشارك فيه أهم الأسباب التي جعلتني أوافق عليه هو لقاء زين وريمان من جديد. كانت تجربة العمل معهما في الماضي، وخاصةً مع زين في "كفرناحوم"، تجربة استثنائية تركت أثراً كبيراً في حياتي. رؤية زين مرة أخرى، بعدما أصبح شاباً ناضجاً ووسيماً، كانت لحظة مؤثرة بالنسبة إلي، إذ لم أره منذ أن كان في الـ12 أو الـ13 من عمره.
التغيرات التي مرّ بها زين وريمان، بعد أن انتقلا للعيش في بلد مختلف وخاضا تجارب جديدة، كانت مثيرة للاهتمام، شعرت بفضول كبير لمعرفة كيف تطورت حياتهما وكيف أصبحا اليوم وماذا يدور في ذهن زين الشاب الناضج.
وتضيف "العمل على هذا الفيلم كان ذا مغزى عميق بالنسبة إلي، لأنه يتناول قضية إنسانية تُروى من وجهة نظر طفل. غالباً ما يُغفل العالم عن رؤية الأمور من منظور الأطفال، خاصةً عندما يمرون بتجارب صعبة وقاسية لا يستطيعون التعبير عنها أو شرحها. هذه الفكرة لامست قلبي بشدة، لأنها تسلّط الضوء على الجانب الذي لا ننتبه إليه عادةً كأشخاص بالغين.
كلما شاهدت أطفالاً يعانون، كنت أفكر: ماذا يدور في أذهانهم؟ كيف يشعرون تجاه الكبار الذين ساهموا في هذه المعاناة؟ وما هي وجهة نظرهم حول العالم؟ الأطفال هم دائماً الأكثر تضرّراً من قرارات الكبار، وهذا ما يجعل قصّتهم مؤلمة ومؤثرة للغاية. الفيلم يمنحهم صوتاً، وهو أمر شعرت بأهمية كبيرة في تسليط الضوء عليه.
وعندما قرأت الفيلم للمرة الأولى، لم أستطع إلا أن أفكر في إيلان كردي، ذلك الصبي الذي وُجد ملقى على الشاطئ في تركيا قبل بضع سنوات، لأنه لم يتمكن من النجاة، أتذكر تساءلت ما الذي كان يدور في ذهنه في تلك اللحظات الأخيرة، وما الذي كان يشعر به وهو يكافح لالتقاط أنفاسه الأخيرة، وكيف كان يرى العالم من حوله، وكيف كان ينظر إلى الكبار الذين وضعوه في هذا الوضع المؤلم. أفكر في هذا الطفل في كل مرة أرى الفيلم أو أتأمل فيه، وأنا سعيدة أن الفيلم يروي القصة من وجهة نظر طفل.
وعن تعاملها مع المخرج ماتي براون قالت "لقد تأثرت بشدة بأسلوبه في تناول الفيلم والقصة، منذ حديثنا الأول، لفتني عمق نظرته للحياة التي تشكلت من خلال تجاربه الشخصية، والطريقة التي تمكن بها من التواصل العميق مع قصة هؤلاء الأطفال، رغم أنهم ينتمون إلى ثقافة مختلفة تمامًا عن ثقافته. لقد كان إحساسه بمعاناتهم ومشاعرهم واضحاً للغاية، وترك في نفسي أثراً كبيراً.
ما أثار إعجابي بشكل خاص هو رغبته الصادقة في تسليط الضوء على تجاربهم ونقل أصواتهم بصدق وحساسية. كان من الواضح لي أنه فهم تماماً ما يمرّ به هؤلاء الأطفال من مشاعر وتحدّيات وحتى آلام، هذا الفهم العميق والتزامه بسرد قصتهم بشكل صادق جعلني أثق برؤيته وأشعر بالحماس للتعاون معه في هذا العمل.