عماد مرمل - خاصّ الأفضل نيوز
بعد قطيعة ومقاطعة، قرر الخليجيون العودة إلى لبنان في سياق إظهار الدعم لعهد الرئيس جوزيف عون وخياراته السياسية، الأمر الذي استدعى من الدولة اللبنانية اتخاذ مجموعة إجراءات أمنية خاصة، منها الظاهر ومنها ما هو غير ظاهر، لمواكبة هذه العودة وحمايتها، بدءا من مطار رفيق الحريري مرورا بطريقه وصولا إلى الأماكن السياحية ومراكز الاصطياف.
وضمن هذا الإطار، عقد رئيس الحكومة نواف سلام اجتماعا مع سفراء الدول الخليجية في بيروت من أجل الاستماع إلى متطلبات رعاياهم، وطمأنتهم إلى التدابير المتخذة لتسهيل أمور الراغبين في زيارة لبنان، فيما وصلت إلى بيروت من دولة الإمارات العربية المتحدة طلائع الطائرات الإماراتية ترجمة لقرار أبو ظبي برفع حظر السفر إلى لبنان عقب زيارة عون لها.
وإزاء هذه الإشارات الإيجابية الآتية من دول الخليج، هناك من أطلق العنان للتوقعات المتفائلة، مرجحا أن يكون صيف لبنان واعدا ومزدهرا على المستوى السياحي، خصوصا أنه من المعروف أن الخليجيين لطالما كانوا عصب السياحة في أيام العز، وعودتهم إذا اكتملت ستعني انتعاش هذا المجال الحيوي مجددا.
لكن، وفي المقابل، يستغرب البعض الإفراط الرسمي في التفاؤل، واختصار خريطة الطريق إلى صيف استثنائي بتدابير أمنية داخلية، في حين أن التحدي الحقيقي الذي يواجه هذا الطموح السياحي إنما يكمن بالدرجة الأولى في استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، ما يحول دون تثبيت الاستقرار والاستثمار فيه على الصعد كافة.
ويتساءل المتسلحون بالحذر: كيف يمكن ضمان مصير الصيف في ظل التهديد الإسرائيلي المتواصل، وأي سياحة يمكن أن تزدهر على إيقاع أصوات المسيّرات ودوي الغارات الإسرائيلية المتنقلة بين المناطق وصولا إلى الضاحية الجنوبية لبيروت والملاصقة للمطار الذي يفترض أن تحط فيه طائرات السيّاح؟
ويعتبر هؤلاء أن المطلوب تفعيل الضغط الدبلوماسي من قبل الدولة على حلفاء الكيان الإسرائيلي وأصدقائه لدفعه إلى التقيد بمندرجات اتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701 وبالتالي الكف عن اعتداءاته على الداخل اللبناني، لافتين إلى أن هذا هو المدخل الطبيعي من أجل تأمين بيئة ملائمة لموسم سياحي ناشط.
وينبه أصحاب هذا الرأي إلى أن استمرار السلوك العدواني الإسرائيلي حيال لبنان سيسمم المناخ العام في البلد وبالتالي سيبقي الموسم السياحي رهينة مزاجية رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتتياهو وتغريدات أفيخاي أدرعي التي تدعو إلى الإخلاءات هنا تارة، وهناك طورا.
ويحذر المقتنعون بهذه المقاربة من أن إمعان العدو الإسرائيلي في استباحة السيادة، كما يحصل منذ اتفاق وقف إطلاق النار، سينغص على اللبنانيين صيفهم الذي يُعرف عن العدو أنه متخصص في إفساده وضربه وفق ما تدل التجارب.
ويلفت هؤلاء إلى أن العواصم الخليجية نفسها يمكنها أن تؤازر لبنان في مسعاه الرامي إلى لجم انتهاكات العدو لسيادته، لاسيما أن جزءا منها يملك علاقات جيدة مع واشنطن وتل أبيب، ويستطيع أن يساهم في تحصين الاستقرار اللبناني وضمان سياحة آمنة للخليجيين هذا الصيف.