محمد علوش - خاص الٱفضل نيوز
في أيار 2025، أعلنت الولايات المتحدة عن اتفاق هدنة مع جماعة الحوثيين اليمنية، بوساطة عمانية، يهدف إلى وقف الهجمات المتبادلة بين الطرفين، خاصة في البحر الأحمر. يأتي هذا الاتفاق بعد سلسلة من الهجمات الحوثية على السفن التجارية، والتي أثارت قلقًا دوليًا بشأن أمن الملاحة البحرية، وعدوان أميركي على اليمن استمر لأشهر.
من خارج السياق صدم ترامب الإسرائيليين باتفاقه مع الحوثيين، خصوصاً أن الاتفاق لا يشمل إسرائيل، بعد أن أكد الحوثيون أن هذا الاتفاق لا يشمل وقف العمليات ضد إسرائيل لإسناد غزة، مشيرة إلى استمرار هجماتها طالما استمرت الحرب على غزة. وقد تجلى ذلك في الهجوم الصاروخي الأخير على مطار بن غوريون، الذي تبنته الجماعة، وأسفر عن إصابة ثمانية أشخاص وتعليق مؤقت للرحلات الجوية، علماً أن لهذا الصاروخ رسائل عديدة لإسرائيل وأميركا أيضاً.
أعربت إسرائيل عن استيائها من الاتفاق، معتبرة أنه لا يأخذ في الاعتبار أمنها القومي. وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، حذر من ردود فعل قوية ضد الحوثيين، متهماً إيران بدعمهم، ومؤكداً أن إسرائيل لن تتردد في الدفاع عن نفسها، وبحسب مصادر سياسية متابعة فإن حشر نتانياهو من قبل ترامب قد يجعل الأخير متهوراً، خصوصاً أنه كان يطمح لأن يكون المسرح اليمني منطلقاً لحرب كبرى تكون إيران جزءاً منها.
بحسب المصادر، لن يهدأ نتانياهو وستكون له ردات فعل في أكثر من مكان، فما يجري اليوم بين ترامب ونتانياهو هو بمثابة سباق بين الحرب والاتفاق، فترامب كان واضحاً بأن الحرب لا تناسبه، ولكن ما يُناسب نتانياهو، ومعه خصوم ترامب داخل أميركا وخارجها هو إغراق الرئيس الأميركي بالحرب التي يسعى لوقفها لاستكمال مشروعه داخل الولايات المتحدة الأميركية وخارجها.
صحيح أن العدوان الأميركي على اليمن لم يحقق النتائج التي كانت مرسومة له، فهو لم يتمكن من وقف الأعمال العسكرية المساندة لغزة ولم يضمن أمن خطوط التجارة البحرية، ولأن ترامب يسعى لنتائج سريعة، والوقت بات داهماً عليه، أراد من خلال الاتفاق أن يخرج بصورة المنتصر لوطنه وسفنه وتجارته، وهو ما جعل الإسرائيليين يتحدثون عن "تخلي" ترامب عن إسرائيل، ولكن بحسب المصادر فإن هذا لا يعني أنه ليس بحوزة نتانياهو أوراق ليلعبها، خصوصاً بعد اتهامه إيران بشكل مباشر في عملية استهداف المطار، فالرجل كان ولا يزال يعول على الحرب لتحقيق أهدافه.
بالنسبة للبنان، فإن أي تطور في المنطقة سيؤثر عليه حتماً، وما حصل صباح الخميس في الجنوب لا يمكن فصله عن كل هذا المشهد، ولو أن رسائله داخلية بالدرجة الأولى، فبحسب المصادر لم يكن ما استهدفه العدو جديداً بل سبق وأن استهدفه خلال الحرب الأخيرة، ولكنه بهذه الصورة للغارات المكثفة أراد توجيه عدة رسائل أبرزها التأكيد على أن الضغط على لبنان عسكريًّا لم ينته تحت عنوان معالجة ملف السلاح، وتجديد شعور الحرب لدى اللبنانيين.
بحسب المصادر تحرك رئيس الجمهورية فور وقوع العدوان صباحاً، وأجرى سلسلة اتصالات، ولكن كما بات واضحاً فإن القرار بتأمين الاستقرار في لبنان لم يتحقق بعد، رغم معلومات تتحدث عن توجهات أميركية جديدة متعلقة بلبنان يتم دراستها في واشنطن.
يبدو أن الاتفاق الأمريكي - الحوثي، رغم أهدافه المعلنة، قد يفتح الباب أمام تعقيدات جديدة في المنطقة، خاصة إذا ما اعتبر نتانياهو أن الهروب إلى الأمام هو السبيل لتعطيل مساعي ترامب، مما قد يؤدي إلى تصعيد عسكري أوسع، تحاول إيران تجنبه لأجل الوصول إلى اتفاق مع أميركا.