كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
كانت لافتة الزِّيارات التي قام بها مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، إلى كلٍّ من رئيس الجمهورية جوزاف عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة نواف سلام، مع وفد من مفتي المناطق وعدد من المشايخ، وحصل بين هذه الزيارات عشاء أقامه السفير السعودي في لبنان وليد البخاري على شرف المفتي دريان ومفتي مناطق في دارته، ليطرح السؤال عن أهداف الزيارات وتزامنها مع عشاء السفير البخاري، وبماذا ترتبط، هل لها علاقه بما يجري في سوريا مع الحكم الجديد من أحداث كان آخرها في محافظة السويداء التي كادت تفجر صراعًا سنيًّا - درزيًّا، لولا تدارك العقلاء في طائفة المسلمين الموحدين الدروز، والإسراع إلى وأد الفتنة بتعاون وتواصل المفتي دريان، والشيخ عقل طائفة الموحدين سامي أبي المنى، وصدور بيان مشترك عنهما يدعو إلى الوحدة الوطنية والأخوية الإسلامية.
هذه التطورات قد تكون سرعت في لقاءات المفتي مع الرؤساء الثلاثة، لكن عناوين أخرى حملها مفتي الجمهورية إلى المقرات الرئاسية، وسعى للتعبير عنها كموقف رسمي من المرجعية الدينية للسُّنّة في لبنان، بعد أن صدر موقف للمفتي دريان حول أن السُّنَّة في لبنان هم أساس الدولة فيه، ولا أحد يمكنه تهميشهم أو القفز فوق دورهم الوطني اللبناني، والذي من خلاله صاغوا الميثاق الوطني، وهوية لبنان العربية.
من هنا بدأ التساؤل عن توقيت الزيارات وأهدافها، ولخصتها مصادر في دار الفتوى على أن عناوينها كانت واضحة، وهي تعزيز الوحدة الوطنية بين اللبنانيين، في زمن الصراعات الإقليمية والدولية، وما يحدث في سوريا، وضرورة أن يبقى لبنان بعيدًا عنها، ولا تنتقل إليه، إضافة إلى تعاون السلطات مع بعضها، وهذا ما نصَّ عليه الدستور، بشكلٍ متوازنٍ وأن لا تطغى سلطة على أخرى، ويعيد لبنان إلى زمن ولَّى، من التهميش وعدم المشاركة الفعلية في السلطة التي حسمها الدستور، بأنها في مجلس الوزراء مجتمعًا، مع التأكيد على دور المؤسسات التي من دونها، فإن لبنان يُحكم بالفوضى والزبائنية والمحسوبية.
هذه العناوين الثلاثة حملها المفتي دريان مع وفد المشايخ الذي رافقه في زيارة الرؤساء الثلاثة، الذين كانوا متجاوبين معه وفق المصادر التي تشير إلى أن مفتي الجمهورية عرض أمام الرئيسين بري وسلام موضوع الموقفين الإسلاميين، وبحث مع رئيس مجلس النواب صدور عفو عام عنهم كما حصل في العام 2005، إثر اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وانسحاب القوات السورية من لبنان، فأبدى الرئيس بري تفهمه للموضوع، وأكد أنه بحاجة لدرس، ومعالجته بحكمة، لأنه ملف معقد وفيه شهداء من الجيش، فاقترح عليه المفتي دريان الإفراج عن من أمضى محكوميته، وتسريع المحاكمات، وهو الملف الذي بحثه وفد دار الفتوى مع رئيس الحكومة، الذي اعتبره مطلبه وهو يعمل على إنجازه.
وخرج المفتي دريان مع الوفد، متفائلًا بما سمعه من الرئيسين عون وبري، على أن الأوضاع ستتحسن في لبنان، والجهود منصبة على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي التزم به لبنان، وأكد عليه المفتي دريان بعد لقاء رئيس مجلس النواب.
ولمس المفتي دريان تعاونًا بين رئيسي الجمهورية والحكومة، وهو ما يبشر بالخير، ويدعو إلى الاطمئنان عن تعاون السلطات، وهذا ما يساهم في إرساء عمل المؤسَّسات الدستورية، التي تعاد هيكليتها بملء الشغور الحاصل فيها، والذي يعود إلى سنوات، وهذه إجراءات بديهية، لكنها مُشجِّعة، وتقول مصادر في دار الفتوى، التي كشفت، أن المساعي والاتصالات واللقاءات نجحت في عدم وقوع لبنان في الفتنة، لا سيما السُّنيَّة - الدُّرزيَّة، والتي أصبحت وراءنا، ويجري العمل على تحصينها برفع الغطاء عن كلِّ مُتجاوزٍ ومخلٍّ بالأمن.