محمد علوش - خاص الأفضل نيوز
يُفترض أن يتفق الجميع على أن الجيش اللبناني ليس بحاجة إلى شهادات حسن سلوك ولا إلى بيانات إطراء من فوق المنابر، فوحده الميدان يكفيه كونه المؤسسة الوطنية التي يتحصن الجميع خلفها، أو على الأقل هكذا يقولون، وعند الامتحان يُكرم المرء أو يُهان.
طُلب من الجيش اللبناني إعداد خطة كاملة شاملة لحصر السلاح، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه اليوم، كيف يُطلب من مؤسسةٍ منهكة بالموارد أن تحقّق خطة حصر السلاح بمهلة زمنية لا تتخطى نهاية العام الجاري، وكيف يُمنح الجيش مهام تتخطى قدراته، ويُساق نحو جبهات متعدّدة، فيما يُترك وحيداً، سوى اللهم من الوعود بالدعم التي تنهال عليه وعلى اللبنانيين كلما أراد الأميركي إغراقنا بالإطراء؟ فالعسكري يسأل اليوم أين هو الدعم الملموس؟ أين التجهيز، التدريب، التمويل، والرعاية السياسية الشاملة؟
ثمّة من يتحدث بثقة عن أن الجيش قادر على أن يكون البديل الشامل في الجنوب وفي الداخل، في مواجهة الإرهاب والمخدرات والاحتلال والتهريب، وكأن مؤسسة واحدة يمكنها وحدها حمل عبء كل مشاكل الدولة المأزومة، وعليه ترى مصادر سياسية متابعة لوضع المؤسسة العسكرية أن هذه الثقة المبالغ فيها ستتحول إلى فخ، بحال أصر البعض على رمي كرة النار بحضن الجيش اللبناني.
تُشير المصادر عبر "الأفضل" إلى أن ثمانية أشهر جنوب الليطاني لم تكفِ لإنجاز الخطة الموعودة، بسبب الاحتلال الإسرائيلي اولاً، وقدرات الجيش اللبناني ثانياً، فمسألة السلاح بحاجة إلى مختصين، وإلا تكاثرت حالات التفجير التي يتعرض لها عناصر الجيش من فترة إلى فترة، ثم هل يمكن الانتقال من جنوب الليطاني إلى شماله قبل انتهاء العمل في المنطقة الأولى؟
بالنسبة إلى المصادر فإن المهل الزمنية التي يتحدث عنها مجلس الوزراء ليست منطقية، وقد تطرق إلى هذه المسألة رئيس الجمهورية جوزيف عون في نفس الجلسة التي أقرت مبدأ حصر السلاح وطلبت من الجيش اعداد الخطة لذلك، وهذا ما ستُشير إليه قيادة الجيش أيضا في خطتها، كون المهلة غير منطقية، هذا بحال سلمنا جدلاً أن لا وجود لمعوقات أخرى، وهي كثيرة.
ولتسهيل فهم الصعوبة، تخيلوا أن يصدر عن مجلس الوزراء قرار يطلب من وزارة الطاقة أو مؤسسة كهرباء لبنان أن يصبح إنتاج الطاقة 24 على 24 خلال مهلة ثلاثة أشهر، سيقولون حتماً أن هذا مستحيل ولا يمكن حصوله، فهل هناك فعلا من يتوقع من الجيش القيام بمهمة حصر السلاح خلال مهلة تسبق نهاية العام، وبظل احتلال وحرب إسرائيلية يومية على لبنان؟
الجمعة عندما يعرض الجيش اللبناني خطته سيتطرق إلى الكثير من المعوقات، والظروف غير المتوافرة التي تعتبر من شروط نجاحه بمهامه، وهنا ستُسلط الأضواء على الفريق الحكومي الذي يدفع باتجاه التنفيذ ولو أدى ذلك لصدام، فهل ستستمر ثقتهم بمؤسسة الجيش اللبناني أم سيهاجمونه ويتهمونه بالعمل على "محاباة" حزب الله وسلاحه؟
المطلوب اليوم بحسب المصادر التعامل مع ملف حساس كهذا بعقل ومنطق وحكمة بعيداً عن التجاذبات السياسية ومحاولة تسجيل النقاط، والأهم الحذر من كرة النار التي أعطاها الرئيس نبيه بري هذا الوصف نسبة لخطرها وإمكانية أن تتسبب بالحريق الذي قد نعلم كيف يبدأ ولا نعلم كيف يمكن أن ينتهي.