مارينا عندس - خاص الأفضل نيوز
خسر لبنان في الفترة الأخيرة عشرات الآلاف من الوظائف، نتيجة الرّواتب المنخفضة التي لا تكفي لتلبية الحاجات الأساسيّة. وبعد تلك الحقبة السوداء، عادت بعض القطاعات لتلملم جراحاتها وتنهض تدريجيًّا ولو أخذ ذلك القليل من الوقت. وبات الشّغل الشّاغل لمعرفة متى سيستقرّ الوضع المادّي وتنهض الشركات نهائيًا.
إلّا أنّ الأزمة لا تقتصر على الرواتب فحسب، بل أيضًا على سوء الإدارات في المؤسسات وعدم إعطاء الموظّف أبسط حقوقه.
الشركات تستغلّ الموقف لصالحها
لا شكّ أنّ بعض القطاعات بات وضعها المادي أفضل بكثير من الأعوام التي فاتت، وأرباحها قفزت إلى حوالي 16% مقابل متوسط سابق خلال السنوات السابقة، وذلك بحسب تقرير The Rise of Corporate Profits in the time of Covid، في كندا تحديدًا.
وفي لبنان، هناك دراسات عامة توضّح تغيّر هوامش أرباح الشركات بشكل كلِّي في لبنان عبر السنوات، "متوسط هامش الربح لكل الشركات اللبنانية عام 2025 مقابل 2015"، لكن هناك بعض مؤشرات وبيانات جزئية تُشير إلى تغيّرات في أرباح بعض القطاعات.
1. قطاع الأدوية
بحسب المعطيات، إنّ هامش الربح لشركات استيراد الدواء في شريحة الأدوية الأرخص يقارب 10%، بينما في الشرائح الأعلى السعر يصل الهامش إلى 15% تقريبًا.
‑ بالمقابل، في فئة "المجموعة الثالثة" التي تضم شرائح الأدوية الأغلى، ذُكرت هوامش بين 19‑28% في دول أخرى، والمقارنة مع لبنان كانت لتوضيح أن هوامش الربح هناك ليست الأعلى لكن مرضية نسبيًا.
لذلك، فإنّ الأزمة المالية في لبنان أدّت إلى تغييرات كبيرة في تكاليف التشغيل (المواد، الشحن، العملة)، مما يجعل أي مقارنة بين السنوات تحتاج إلى تعديل للتضخم وتغير سعر الصرف. إلّا أنّ لكل شركة سياستها التي غالبًا ما يطغى عليها "طابع الأنانية" من دون إعطاء الموظف أبسط حقوقه.
أين القانون من ذلك؟
في السياق عينه، يؤكّد المحامي مأمون ملك لموقع "الأفضل نيوز"، أنّ العقد الذي يُعطى للموظّف ممكن أن يكون شفهيًّا وممكن أن يكون كتابيًّا. أمّا الرواتب فهي حريّة لا أحد يستطيع أن يقيّم بها.
أمّا المشكلة الأساسيّة، فهي أنّ قيمة الضّمان الاجتماعي، لم تعد قادرة على تغطية النفقة، بالإضافة إلى الأدوية. لذلك نحن بحاجةٍ لتشريع قانون، من خلال تعديل النسب بخصوص الزوجة والأولاد، إذا كنا نتحدث عن عائلة بخصوص الضمان، أي لم تعد 33 ألفًا للولد و60 ألفًا للمرأة كافية.
فكم تحتاج العائلة لتعيش بكرامة في لبنان؟
هذا الواقع المرير، دفع "الأفضل نيوز" لمعرفة كم تحتاج العائلة اللبنانية لتعيش بكرامةٍ في لبنان، وكانت النتيجة مخجلة.
وفي دراسةٍ أجرتها "هيومن رايتس ووتش" في أواخر عام 2022، تبيّن أنّ غالبية الناس في لبنان، عاجزة عن تأمين حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية وسط الأزمة الاقتصاديّة المتفاقمة، حيث تتحمّل الأسر ذات الدّخل المحدود العبء الأكبر. هذا ما يعجّل في ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة للاستثمار في نظام حماية اجتماعية قائم على الحقوق ويضمن مستوى معيشيًّا لائقًا للجميع.
وبحسب ما أكدته لينا سيميت، باحثة أولى في العدالة الاقتصادية في هيومن رايتس ووتش، "دفع للملايين في لبنان إلى براثن الفقر، لذلك اضطروا لتقليص كميات طعامهم.
وبين تشرين الثاني 2021 وكانون الثاني 2022، أجرت "هيومن رايتس ووتش" مسحًا على عينة شملت 1209 أسرة في لبنان لجمع معلومات حول الظروف الاقتصادية للأفراد وقدرتهم على تحمّل تكاليف الطّعام والأدوية والسكن والتّعليم. وسأل الباحثون الأسر عمّا إذا كانوا يتلقون دعمًا ماليًّا أو عينيًّا من الحكومة، أو من المنظمات والجمعيات الحكومية وغير الحكومية. وقال قرابة الـ70 % من الأسر إنهم واجهوا صعوبة في تغطية النفقات أو دفعها متأخرًا.
وبلغ متوسط الدخل الشهري للأسر 122 دولارًا أمريكيًّا فقط واستمر التضخم في الارتفاع بشكلٍ كبيرٍ منذ إجراء المسح.
ونتيجةً لذلك، شددت هيومن رايتس ووتش على الحاجة الماسة إلى نظام حماية اجتماعية شامل قائم على الحقوق ولا يترك أحدًا، ويلبي حق كل فرد في مستوى معيشي لائق وفي الضمان الاجتماعي الذي يفي بهذا الحق. وينبغي للجهات المانحة والحكومة إدراك المعاناة المنتشرة ووضع نظام يضمن توفير الضمانات الاجتماعية الأساسية، مثل إعانات الأطفال، وذوي الإعاقة، والبطالة، وتقاعد الشيخوخة، *حيث تتحمل الدولة مسؤولية ضمان حصول الجميع على الغذاء والدخل بشكل آمن، وعلى الصعيد الوطني، يكسب 40% من الأسر تقريبًا 100 دولار أو أقل شهريًّا ويكسب 90 % من الأسر أقل من 377 دولار شهريًّا.