ميرنا صابر - خاصّ الأفضل نيوز
يواصل الذهب تكريس مكانته كأحد أهم الأصول الاستثمارية في عام 2025، بعدما تجاوز سعر الأونصة حاجز 3,800 دولار اليوم، مسجّلًا رقمًا قياسيًا جديدًا يعكس حجم الارتباك الذي يعيشه الاقتصاد العالمي. هذا الصعود لا يمكن وصفه بالمفاجئ، بل هو نتيجة مباشرة لتراكم عوامل نقدية وجيوسياسيّة دفعت المستثمرين، وفي مقدمتهم البنوك المركزيّة، إلى إعادة صياغة استراتيجياتهم الاستثمارية.
التراجع المتواصل في قيمة الدولار الأميركي، بفعل توقعات خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، كان العامل الأساسي وراء الاندفاعة الحالية للذهب. ففي كل مرة تتراجع فيها العوائد على السندات والأصول الدولارية، تتزايد جاذبية المعدن الأصفر كخيار آمن. وبات واضحًا أن السياسة النقدية الأميركيّة اليوم ترتبط ارتباطًا أوثق من أي وقت مضى بتحركات الذهب.
وفي هذا الإطار، أوضح الخبير الاقتصادي دانيال البنّى لـ"الأفضل نيوز" أنّ: "الارتفاع اللافت للذهب في الآونة الأخيرة سببه بالدرجة الأولى التضخم والدين العام الأميركي، وحالة عدم اليقين الأوروبي خاصة بعد إعادة التصنيف الأميركي والبلبلة التي حصلت ما بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس البنك الفيدرالي جيروم باول، إضافة إلى الحرب الروسية – الأوكرانية".
لم يعد الذهب مجرّد أداة للتحوّط من التضخم، بل تحوّل إلى ما يشبه "التأمين الشامل" ضد مختلف أشكال المخاطر:
من النزاعات الجيوسياسية المتصاعدة إلى أزمات الديون السيادية. ومع اتساع دائرة القلق العالمي، بات المعدن الأصفر الخيار الدفاعي الأبرز للأفراد والمؤسسات على حد سواء.
اللافت أيضًا أنّ البنوك المركزية، لا سيما في آسيا والشرق الأوسط، واصلت خلال 2025 تعزيز احتياطاتها من الذهب. هذه الخطوة لا تعبّر فقط عن إدارة لمخاطر العملات، بل تكشف عن تحوّل أعمق في فلسفة الاحتفاظ بالثروة بعيدًا عن تقلبات الدولار واليورو.
ويضيف البنّى أنّ: "المستثمرين في معظم الدول باتوا يقلّصون من احتيازهم على الدولار ويتجهون نحو الذهب. هذا المسار سيستمر، خصوصًا مع اقتراب نهاية ولاية باول التي ستفرض بلا شك تغييرًا في المشهد، فضلًا عن التطورات العسكرية التي تدعم ارتفاع أسعار الذهب."
رغم الزخم الكبير، تبقى احتمالات التصحيح واردة. فالمؤشرات الفنية تشير إلى وصول الذهب إلى مناطق تشبّع شرائي، ما قد يفتح المجال أمام تراجع محدود. لكن أي قرار مفاجئ من الفيدرالي الأميركي أو عودة الدولار إلى مسار صعودي قد يغيّر الاتجاه. ومع ذلك، يظلّ رهان المحللين قائمًا على استمرار المسار الصاعد وربما ملامسة مستوى 4,000 دولار خلال العام المقبل.